قال الشيخ أبو أويس الحسني رحمه الله:
وفي نفس الشهر “ذي القعدة 1407هـ” تُوفي إلى رحمة الله شيخنا الدكتور محمد تقي الدين الهلالي الحسيني فقلت أرثيه :
هي الدنيا تسير إلى الزوال
وبهجتها خيال في خــيال
نعيش سويـعات نياما
فتوقظنا المنية بالنبــال
براها الله مزرعة لنسـعـى
لفوز بالرضا عند المــآل
فطوبى للذي قد نال خـــيرا
بمسعاه الحميد إلى المـعـالي
هو الموت الزؤام يظل يطوي
من أرواح الورى عدد الرمال
فيأخذ تارةً خزفاوطـور
يحطم -صائلا- أغلى اللآلي
آلا يا ناعي العرفان أقصر
آتدري من نعيت من الرجال؟
أصبت بنعيك المُضني فئاما
من الأبرار -و يحك- بالخبال
تقي الدين فخر بني هلال
توفي فانتشى حزب الضلال
قضى شيخ الدعاة بكل حرّ
بآلام الفجيعة ذو اعتلال
رثاء للعلا من وقع رُزءٍ
أصاب بعَينه عين الكمال
جزاه الله عنا كل خير
و عن دين المهيْمن ذي الجلال
فقد أمضى يجاهد في دؤوب
بياض العُمر ممتاز الخِلال
يحبر للهدى كتْبا ويَمْلي
دروس العلم يدعو للنِزَّال
وظل مقارعا سبعين عاما
و أكثر راضيا، نضو اشتغال
عفيف الذيل مبرورا قنوعا
بعيدا عن مداهنة الموالي
يريد بفعله ربا تعالى
غني النفس مرضي الفعال
يبث النور للتوحيد يدعوا
عباد الله محمود الجدال
فأنقذنا بفضل الله مما
سرى فينا من الداء العُضال
فكان نزوله تطوان فتحا
أشاع الحق منشور الخصال
عرفنا منه شرع الله حقا
وفقها صادقا حُر المقـال
و بحثا عن دليل القول يُروى
عن التقليد لا يرضى بحال
و يعلن للملا فوق الكراسي
سقوط الرأي مفلول النصال
و ينصر سنة المختار نصرا
يسوق الصادقين إلى المعالي
ويبدي من حكيم القول ما لا
يفوز بمثله سمعُ الليالي
فكان مبشرا كالريح يُزجي
سحاب الغيث مرجو النوال
يزور مواقع الامحال غوثا
عظيم النفع في مُدُن الشمال
فهذي طنجة تهفوا إليه
برُغم الشر من نفخ الصِّلال
و شفشاوُونُ أحْيى في ذُراها
غريب العلم بين ذوي المِحَال
وفي الريف البعيد تراه نجما
ينير السُّبل معدوم المثال
وفي فاسٍ وفي مكناسٍ أملى
حديث المصطفى حلو المَنَال
وفي غَرب وفي شرق قصِي
تلألأ بدره وسط المجالي
فسلْ هندا وأفغانا ونجدا
وايرانا تجد خير الرجال
أورُبَّا زارها و أذاع منها
حديث سياسة مُرَّ الصيال
ومن برلين أرسل من جحيم
شواظا يحتوي شر النكال
أصاب به فرنسا فاستشاطت
له غيظا وعادت بالخذال
وعاد لمغرب يحدوه عزم
على حرب الفساد والانحلال
أتانا والجهالة في عتُو
ونور العقل مقطوع الوصال
وأشياخ التصوف بين رفض
ومزمار سكارى بالخيال
تُشَاد بأرضنا يا للَبَلايا
زوايا كالرزايا، للبِغال
جُموع همهمْ أكل و شَروٌ
ودعوى للهُيام وللخَبال
وكلهُم لجمع المال يسعَى
وللتفكير في نصب الحبال
و للنسْوان ميلهُم شهير
والمُردان في العُصُر الخوالي
فتلك عصابة الشيطان يدعو
بِبَهْرجِها العباد إلى الوبال
أعاد لحربها (الدكتور) فينا
وأبدى مشِرعا سمر الموالي
ووالى الفتك منصورا مُعَانا
على حزب الكساكس والنوال
فأبدى زيْفهم وأخاف منهمْ
قرودا فاستكانت للكلال
وأظهر للتجاني خبث مكرا
لدين مشهود الصقال
فعاد الناس للإسلام عودا
صحيح الخطو مأمون انخذال
وكانوا من جهالتهم عطاشا
فأوردَ جلهم حلوا الزلال
وتاب الناس للرحمان تَوبا
وبات الشر مكسور النصال
جزاك الله يا شيخي بأوفى
جزاء بدؤه الدرج العوالي
وبدأ رُوحَك الفردوس فضلا
بقرب العرش تنعم في ظلال
وهذا عهدنا والله فينا
شهيد أننا أهل النضال
لدين الله مولانا نُضحي
براحتنا ومقتات العيال
ونسأله الثبات و حسن عُقبى
وختما بالسعادة في المآل
نظمه مرثيا شيخه
العبد الفقير إلى مولاه
أبو أويس الحسني