ولما رجعت إلى تطوان علمت أن ذلك الفقيه البياع ذكرني بسوء في درس وعظه فقال لمستمعيه وهو يحثهم على الصلاة بسدل اليدين وترك سنة وضع اليمنى على اليسرى. ماذا تقولون في سيدي محمد السلاوي أكان عالما بالحديث والفقه أم جاهلا بهما؟ فقالوا: كان من كبار العلماء فقال وماذا تقولون في سيدي أحمد الرهوني وسيدي فلان وفلان؟ فقالوا: علماء فقهاء قال: فهل كان أحد منهم يضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة قالوا: لا. قال فكيف تخالفونهم لقول شخص مجهول لا نعرف من أين خرج؟! فأنشأت فيه قصيدة دالية أنقل نخبة منها هنا:
تجاهلت يا بن القين فضلي وسؤددي
ومن شقوة أقبلت بالظلم تبدى
زعمت بأن لم تدر أصلي ومنشئي
ولا عجب إذ أنت بالجهل مرتدي
سجلماسة الغراء يا قين موطني
وجدي هلال بن الحسين بن أحمد
وجدي هلال صالح وابن صالح
وجدي حسين سيد نجل سيد
وريحانة المختار جدي يشمه
وجدك حداد بوجه مسود
ضربنا على الإسلام أسلافك الألى
قريناهم بالمشر في المهند
فإما عققت اليوم ساداتك الألى
حبوك بإسلام وفضل ممدد
فيا رب عبد مثلك اليوم آبق
ويا رب قين ممعن في التمرد
غدا بعد سندان وكير وحفرة
وفحم ومطراق على الفقه يعتدي
دع العلم إن العلم لست بأهله
وخذ من جديد في الحديد لتهتدي
ففي الحرفة الأولى لقد كنت كاذبا
لدى بيع مفتاح وقفل ومحصد
وفي الحرفة الآخر على الله تفتري
وتلحد في دين النبي الممجد
ومينك في دنياك أهون مأثما
من المين في أمر أمر به النلس تقتدي
وعيشك من صنع الحدائد طيب
وأن تأكلن بالدين تأكل من الردي
فدونك يا بن القين نصحا مسددا
ومثلك لا يرضى ينصح مسدد
كذبت على شيخ كريم تحلما
برؤيا منام في حديث منضد
على ابن مشيش قد كذبت بلا حيا
فأخزاك رب الناس في كل مشهد
وتزعم أن الشيخ جاءك قائلا
إلى القصر فاذهب دون أي تردد
وقل لفلان يشتري بيتك الذي
بمرتيل إن رمت النجاح بمقصد
فكذبك الشخص الذي قد قصدته
وبؤت بخزي الله شر مفند
تروم بزوعم نصر مذهب مالك
ومذهبه قفو النبي المؤيد
ومعصية المختار ليست بمذهب
له أبدا فاقصر عن اللغو والدد
وفرقت بين البعل والزوج ظالما
بعنف وإكراه فهل أنت مهتد
وأنكحتها في عصمة البعل دون أن
يصح طلاق فعل أرعن مفسد
أهذا الذي تدعو بمذهب مالك
كذبت لعمر الله يا قين فاقصد
فهذا الذي من أجله نال مالكا
نكال ولم يذعن لأمر المهدد
ففعلك ذا نقض لمذهب مالك
وفسق بدين الهاشمي محمد
تكلمت قي قبض وسدل مضللا
وأهملت أصل الدين إهمال ملحد
حرمت وصولا للحقيقة عندما
أضعت أصولا من يضعها يلدد
فكلمة توحيد بها ابدأ محققا
فإن تدر معناها إلى الحق تهتد
فوحد إله الحق لا تدع غيره
لنفعك أو دفع المصائب ترشد
فمن يدع غير الله يوما لحاجة
يدنس بإشراك ويردى من الردي
وذلك توحيد العباد فادره
فمن يجهلنه في الجحيم يخلد
سواء أصلى قابضا في صلاته
أم اختار سدلا نقله لم يؤيد
ومن رد قول المصطفى بعد صحة
فذلك كفار أثيم ومعتد
سيحرم في يوم القيامة شفاعة
وإن يأت للحوض المبارك يطرد
ويسود في يوم القيامة وجهه
ويثوى ثواء في الجحيم ويخلد
ويبرأ منه ذلك اليوم مالك
وكل تقي للإله موحد
وذلك في أصل الشهادة واضح
لكل صحيح الفهم لم يتبلد
فدونك يا شيخ القيون فوائد
من العلم إن ترجع لها اليوم تسعد
فدع عنك تقليدا وشركا وبدعة
فذلك ما يرديك في اليوم والغد
صددت الورى عن قفو سنة أحمد
ولن يفلحوا إلا بسنة أحمد
فبؤت بسخط الله ثم رسوله
وسخط شيوخ كابن جعفر زهد
وكان اللوا جري يقليك كالعمى
متى جئته ياقين تصفع وتطرد
وأسخطت كل الصالحين من الورى
من الجرم والبغي الذي لم يحدد
وإنك وايم الله أحمق من مشي
على الأرض طرا في تهوم وأنجد
فخذها غذيت التبن مني قصيدة
تزدك جنونا مثلها لم يقصد
فتخرج في الأسواق ناتف لحية
ولاطم خد عاريا غير مرتد
ولم يك قصدي ذكر عيبك كله
فذلك لا يحصيه ألف مجلد
محمد تقي الدين الهلالي
من كتاب الدعوة إلى الله في أقطار مختلفة. ص: 64.