ولما وصلت المشرية بعد غيبة 44 سنة، كان أهل الشلالة الساكنون في المشرية هم أشد الناس إكراما لي، حتى المتمسكون بالطريقة التجانية منهم لم يمنعهم تمسكهم أن يكرموني ويضيفوني، فنظمت الأبيات الثلاثة الأولى من هذه القصيدة في مدحهم بالمشرية، ونظمت سائرها في الطريق، ثم أكملتها هنا بمكناس، وذلك يوم 9 ربيع الثاني 1386 هـ – 28 يوليوز 1966 م [البحر الطويل]:
خليلي عوجابي على كل شلالـي
أصيل كريم ماجد العـم والخـال
أناس حبـاهم ربـهم بشجاعـة
وصـدق بأقـوال ونبـل بأفعـال
وجارهم دومـا عزيـز مكـرم
إذا سيم جـار الآخـرين بـإذلال
وضيفهم ينسى من البـر أهلـه
وإن كان ذا أهل كثيـر وذا مـال
ومن كان فيهم آمن مـن أذاهـم
ويأتيه منهـم كـل بـر وإجـلال
إذا وعدوا أوفـوا بكـل وعودهم
وإن كان في الإيفا ركوب لأهوال
وكل امرئ يأتي إليهـم مفاخـرا
يبوء بخسران على أستوإ الحـال
وليسوا كقـوم يغمـرون أخاهـم
وجيرانهم سـوءا بفعـل وأقـوال
ومن رام في الأخلاق يبلغ شأوهم
يقال له قد جئت جهـلا بتضـلال
ومن شك في ذا فليزرهـم فإنـه
يرى أنني في مدحهم لست بالغالي
ومالي لا أثنـي عليهـم وأنهـم
حبوني قديما كل خيـر وإفضـال
وتارك شكر الناس إن أحسنوا له
كتارك شكر الخالق المنعم العـالي
كذاك روى أهل الحديث عن النبي
عليه صلاة الله والصحـب والآل
فكن عاذري في حبهم غير عاذل
فإني لا أصغي إلى قـول عذالـي
مكارم جاءت من جـدود أماجـد
ميامـن أشـراف معاقـد آمـال
وكل أنـاس يتبعـون أصولهـم
فـوراث أبطـال ووراث أنـذال
وذلك فضل الله يؤتيـه من يشـا
له الحمد دوما في بكور وآصـال
ومن يبتغي المعروف من وارث الخنا
كطالب شرب في الفـلاة من الآل
أنى لهم أن يقبلوا الضيـم أنهـم
سلالـة آبـاء أماجـد أبطــال
بشلالة طابـت منابـت دوحهـم
وأغصانها تسمو إلى الأفق العالي
وآتـت ثمـارا يانعـات لمجتـن
إذا كان ذا جد ولـم يـك بالآلـي
ومن رام نيـلا للعلـى بتقاعـس
فقد رام نسجا جيـدا دون منـوال
ألا أيها الإخـوان أهـدي إليكـم
وصية مصفي النصح ليس بمحتال
خذوا بكتـاب الله والسنـن التـي
أتت عن نبـي الله خاتـم أرسـال
ولا تطلبوا الحاجات إلا من الـذي
له الخلق والتدبير في كل ما حـال
فمن يدع غير الله يومـا لحاجـة
يدنـس بإشـراك ويمنـى بأنكـال
وليـس له يـوم القيامـة شافـع
وما لـه فيـه من نصيـر ولا وال
وإيـاكم والمحدثــات فإنـهـا
حبائل يرجو صيدهـا كـل دجـال
فقبل وفاة المصطفـى تـم ديننـا
وأكملـه الرحمـن أحسـن إكمـال
فمن زاد فيه مثل من هو ناقـص
كلا ذين من قوم مفاليـس ضـلال
وصل وسلم يا إلهي على النبـي
وآل وأصحـاب أماجـد كمــال
المصدر: منحة الكبير المتعالي في شعر وأخبار محمد تقي الدين الهلالي