أَلَا إنَّ الإِسْتعمارَ هاوٍ وبائرٌ
ومِنْ مَطلَعِ الأقمَارِ لاَحتْ بشائرٌ
أبى الضيمَ بأرْضِ المغاربِ ضيغمٌ
فأقبلَ من عرينهِ وهوَ زائرٌ
وقالَ للإستعمارِ زُلْ منْ بلادِنَا
فأنَا عليكَ اليومَ قاضٍ وقابرٌ
سأُسقيكَ سُمّاً لا بقَا لكَ بعدَهُ
وشَعبِي من خَلفِي أُسودٌ هَواصرٌ
عوَى ذِئبُ الإِستعمارِ إذْ ذاكَ عُوةً
وأقبَلَ يدعُو وَيلهُ وَهوَ حائرٌ
تهدَّده بالخُلع بالنَّفي فِي الفَنـــا
وأَوعدَ لَيثاً أنْجبتهُ غَضَافرُ
فَأَبْرقَ في جُبنٍ وأرْعَدَ طَائشاً
وَصارَ يَجمعُ الخَائنينَ يُكاثرُ
فصدقه في ذاك من ضل عقله
ولم يدر أن الله للحق ناصرُ
تلقى الملك القرم كل وعيدهم
بحزم وقاسى أمرهم وهو ساخرُ
بـــــــثورته ردَّ الحياة لشـــــــعبه
وكان لهم فيها الهدى والبصائرُ
تجلى لهم كيد العدو وغدره
وحقاً على الباغي تدور الدوائرُ
لذا استرخصُوا الأرواح والمال دونه
سواءٌ بهذا بدوُهم والحواضرُ
وقد كانت الأهواء شتى فوحدت
وزالت حزازات حوتها الضمائرُ
وعم الحماس العرب في كل موطن
فكلهم أضحى بذلك يفاخرُ
وعمهم حب الهمام ابن يوسف
فهامت به صبيانهم والأكابرُ
وصار حديث الناس في كل مجلس
به يعمر النادي ويسمر سامرُ
تساءل عنه كل بكر وثيب
ويكتب في الصحف قوم عباقرُ
لكل زمان آية يعتلي بها
ومأثرة تُنسى لديها المآثرُ
وآية هذا العصر ثورة سيد
غدا في المعالي أولا وهو آخرُ
به تشرق الدنيا ويسعد أهلها
وتهتز فخرا أن علاها المنابرُ
يذكرنا سحبان في كل خطبة
مهذَّبة تهتز منها المشاعرُ
أدَّى كلمات أم لآلئ قد بدت
فلا تعجبوا فالملك للدر ناثرُ
فما شانها لحن ولو قدر ذرة
ولا سوء إلقاء يها الحسن ضائر
فأيده الله الكريم بنصره
وأعداءه كل غدا وهو بائر
ومنذ قرون لم ير الناس مثله
ومن شك في ذا فهو غمر مكابر
فيا قومنا كفوا عن الخلف وأجمعوا
شتيت قواكم للجهاد وحاذروا
فإن عدو السلم ما زال فاتكا
بإخوانكم في أرضكم وهو غادر
هلموا جميعا نقتفي الملك الذي
دعانا لعز فانثنى وهو ظافر
ففي قفوه كل السعادة والمنى
وفي تركه الخسران باد وظاهر
فذاك النطاسي الحكيم الذي له
بأمراضنا في الاجتماع بصائر
سيكفيكم لو تسمعون نصائحا
يفوه بها في الناس وهي جواهر
فداءكم منكم وهذا دواؤكم
فأوبوا إلى نهج الرشاد وبادروا
ألستم ترون الجيش جيش عدوكم
يرابط في أوطاننا وهو كاشر
وصحراؤنا ما أن تزل أسيرة
فيا نعم مؤسور ويا بئس آسر
وجيش ليوث في الجزائر رابض
يدافع عن أوطاننا وهو صابر
ولا مدد يلفى لديه ولا قوى
وأعداؤه أمدادهم متواتر
وما من سلاح غير ما هو غانم
من الحمر إذ يرديهم وهو قاهر
فعار على الاسلام والعرب أن يروا
وقد خذلوا جيشا حوته الجزائر
بنى لهم مجدا وفخرا مؤزرا
أمام علاه تضمحل المفاخر
فلله ما أبدى ويا سوء فعل من
يرى خاذلا إخوانه وهو قادر
وإن كنت لا تدري حدود بلادنا
فدونك فاحفظ ما أنالك ذاكر
فمن ستكال في الجنوب حدودها
إلى أرض مصر قد حوتها القماطر
نناضل عنها الدهر من جاء غازيا
وتحصده منا السيوف البواتر
ومهما عدا عاد على أي بقعة
فذلك عدوان على الكل ظاهر
فإما حياة العز تجمع شملنا
والا فموت يغل العار ساتر
ومن ظن أن العز يدرك والمنى
بكفر وإلحاد فذلك هاذر
غراب يقود القوم للهلك والفنا
ويرديهم من طيشه وهو خائر
أوائلنا بالدين والسلم أفلحوا
وبالدين والإسلام تعلو الأواخر
وما خدم المستعمرين كمثل من
يصد عن الإسلام وهو مهاتر
ومن بدل الشرع الكريم برأيه
وقد رد أحكاما رواها الأكابر
ورد كتاب الله والسنن التي
عن المصطفى جاءت وفيها البصائر
فإياكم أن تقبلوا تراهاته
فما الجاهل الأعمى كمن هو ناظر
مجلة دعوة الحق، العدد 3 السنة 3 – جمادى الأولى 1379 – دجنبر 1959 – ص 78-79