اعلم – علمت خيرا ووقيت ضرا – أن مباحث القرآن وعلومه وفوائده وجواهره وأسراره لا تعد ولا تحصى وليست خاصة بزمان دون زمان، ففي كل زمان يظهر منها شيء كان خافيا من قبل كما قال الشاعر:
يزيـــــــــــدك وجهــــــــــه حســــــــــنا *** إذا مــــــــــــا زدتــــــــــــه نظـــــــــــرا
بل كما قال الله تعالى في آخر سورة فصلت: سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: أي سنظهر لهم دلالاتنا وحججنا على كون القرآن حقا منزلا من عند الله وعلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بدلائل خارجية في الآفاق من الفتوحات وظهور الإسلام على الأقاليم، وسائر الأديان.
قال مجاهد والحسن والسدي: ودلائل أنفسهم قالوا: وقعة بدر وفتح مكة، ونحو ذلك من الوقائع التي حلت بهم، نصر الله فيها محمدا – صلى الله عليه وسلم – وصحبه وخذل فيها الباطل وحزبه.
ويحتمل أن يكون المراد من ذلك، ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى، وكذلك ما هو مشغول عليه من الأخلاق المتباينة من حسن وقبح وغير ذلك وما هو متصرف فيه تحت الأقدار التي لا يقدر بحوله وقوته وحيله وحذره أن يجوزها ولا يتعداها، كما أنشد ابن أبي الدنيا ” في التفقه والاعتبار ” عند شيخه أبي جعفر القرشي حيث قال، وأحسن المقال:
وإذا نظـــــــــرت تريـــــــــد معتــــــــبرا *** فــــــانظر إليــــــك ففيــــــك معتــــــبر
أنــت الــذي تمسـي وتصبـح فـي الدنيـا *** وكــــــــــــل أمــــــــــــوره عــــــــــــبر
أنــــت المصــــرف كــــان فــــي صغـــر *** ثــــــم اســـــتقل بشـــــخصك الكـــــبر
أنـــــــت الـــــــذي تنعــــــاه خلقتــــــه *** ينعــــــاه منهـــــا الشـــــعر والبشـــــر
أنــــت الـــــذي تعطـــــي وتســـــلب لا *** ينجيـــــه مـــــن أن يســـــلب الحـــــذر
أنــــت الـــــذي لا شــــيء منــــه لــــه *** وأحـــــــق منـــــــه بمالــــــه القــــــدر
قال محمد تقي الدين الهلالي: أقتصر من ذلك على مثال واحد إذا تأملته حق التأمل ازددت يقينا بما ذكرته آنفا وذكره غيري من الباحثين من أن عجائب القرآن لا تنقضي قال تعالى في سورة الواقعة ( 71 – 74 ) : أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ (73) فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ.
قال القانوجي في تفسيره: أفرأيتم النار التي تورون أي أخبروني عنها، ومعنى تورون تستخرجونها في القدح من الشجر الرطب، يقال: أوريت النار إذا قدحتها والعرب تقدح بعودين تحك أحدهما على الآخر، ويسمون الأعلى الزند والأسفل الزندة شبهوهما بالفحل والطلوقة أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا التي تكون منها الزنود، وهي المرخ والعفار، تقول العرب في كل شجر نار واستنجد المرء والعفار، وزاد الجلال المحلي: الكلخ، نقل سليمان الجمل عن شيخه أنه قال: ولم نجده في القاموس ولا في المختار، غير أنه أخبره بعض أهل المغرب والشام بأنه موجود معروف عندهم شبيه بالقصب، تأخذ منه قطعتان، وتضرب إحداهما بالأخرى فتخرج النار.
وقوله: أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ لها بقدرتنا دونكم، ومعنى الإنشاء: الخلق، وعبر عنه بالإنشاء للدلالة على ما في ذلك من صنيع الصنعة وعجيب القدرة نَحْنُ جَعَلْنَاهَا أي النار التي في الدنيا تذكرة بنار جهنم الكبرى حيث علقنا بها أسباب المعاش وعممنا في الحاجة إليها البلوى، لتكون حاضرة للناس ينظرون إليها، ويذكرون ما أوعدوا به.
قال مجاهد وقتادة: ” تبصرة للناس في الظلام “، وقال عطاء: ” موعظة ليتعظ بها المؤمن.. ” وقال ابن عباس: ” تذكرة للنار الكبرى “، عن أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم، قالوا والله إن كانت لكافية يا رسول الله ؟ قال: فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرها أخرجه البخاري ومسلم.
وقوله: وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ أي للمسافرين قاله ابن عباس، يعني منفعة للذين ينزلون بالقواء، وهي الأرض القفر، كالمسافرين وأهل البوادي النازلين في الأراضي المقفرة يقال: أرض القفاء بالمد والفصل أي مقفرة. ويقال: أقوى إذا سافر أي نزل القوى، وخصوا بالذكر، لأن منفعتهم بها أكثر من المقيمين فإنهم يوقدونها بالليل لتهرب السباع، ويهتدي الضال إلى غير ذلك من المنافع.
وقال مجاهد: المقوين المستمتعين بها من الناس أجمعين في الطبخ والخبز والاصطلاء والاستضاءة وتذكرنا جهنم، وقال ابن زيد: للجائعين في إصلاح طعامهم، يقال: أقويت منذ كذا وكذا، أي ما أكلت شيئا، وبات فلان للقوى أي جائعا.
وقال قطرب: القوى من الأضداد: يكون بمعنى الفقر، ويكون بمعنى الغنى يقال أقوى الرجل إذا لم يكن معه زاد وأقوى إذا قويت دوابة وكثر ماله. والمعنى جعلناها منا ومنفعة للأغنياء والفقراء لا غنى لأحد عنها، وقال المهدوي: الآية تصلح للجميع؛ لأن النار يحتاج إليها المسافر والمقيم والغني والفقير، وحكى الثعلبي عن أكثر المفسرين القول الأول وهو الظاهر، انتهى.
انتفاع المسافرين بالنار في هذا الزمان
قد رأيت في كلام أئمة التفسير أن المقوين هم المسافرون، وأن الله جعل لهم النار متاعا يستمتعون بها في أسفارهم، ورأيت ما ذكره المفسرون في استمتاعهم بها وقد ظهرت في هذا الزمان أنواع من الاستمتاع بالنار للمسافرين لم تكن تخطر بالبال فمنها القطر، جمع قطار، وهي سفن البر التي تسير ليلا ونهارا في جميع أنحاء المعمورة، منها السريع والمتوسط والبطيء، تحمل المسافرين وأمتعتهم – بالغة ما بلغت في الثقل – وتحمل البضائع من قطر إلى قطر ومن صقع إلى صقع وتحمل الأطعمة لكثير من القرى والمحطات التي لا تعيش إلا على ما تحمله القطر إليها.
هذا النوع من المتاع للمسافرين أولا، وللمقيمين ثانيا قوامه النار، فهي التي تسير القطار وتضيئها وتطبخ أطعمتها، وتدفئ أهلها، وهي على أنواع، غير ما تقدم.
فمنها التي تسير في سككها على وجه الأرض، ومنها التي تسير تحت الأرض في أنفاق طويلة مشتبكة، ينزل إليها عشرين درجة أو أكثر، وتكون في طبقات تحت الأرض، قطر في الطبقة المباشرة لوجه الأرض، وهناك طبقة تحتها تسير فيها قطر أخرى، وهناك طبقة ثالثة، كما يعلم ذلك من أقام في برلين وباريس ولندن وهناك نوع من القطر يسير على قضبان ممدودة على أعمدة في سماء المدينة كلها في ارتفاع يحاذي الطبقة الخامسة والسادسة من البيوت، حتى أن الإنسان إذا كان راكبا فيها يرى السيارات على وجه الأرض كأنها حشرات كما في مدينة برلين.
ومنها القطر التي ترفع المسافرين وأمتعتهم، والبضائع والأغذية إلى الفنادق المبنية على قمم الجبال المرتفعة العالية آلاف الأمتار كما في سويسرا والنمسا وغيرها، وهذه القطر تسير بالكهرباء، ولها أعمدة حديدية يلتصق بها القطار فيرتفع في الهواء فوق غابات جبلية يندر أن يصل إليها الناس بأقدامهم أو على الدواب ولا يشاهدون ما فيها من الوحوش والأشجار إلا إذا كانوا راكبين في تلك القطر وهي صاعدة بهم.
وسكان تلك الفنادق متوقفون في معيشتهم على تلك القطر، لا يصل إليهم من الأرض إلا ما حملت وهم يعيشون في تلك الفنادق عيشة راضية لا ينقصهم شيء مما يوجد في المدينة أسفل منهم ومحطات هذه القطر تعلو عن وجه الأرض بمقدار أربعمائة درجة منها ينبعث القطار صاعدا في الجو وله منظر عجيب.
ومنها البواخر الجواري في البحر كالأعلام، أي كالجبال وقد ذكرها الله سبحانه وتعالى في سورة الشورى في قوله جل من قائل ( 32 – 35 ) : وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِي فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ (32) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ
قال القاسمي في تفسير هذه الآيات: وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِي أي السفن الجارية فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ أي الجبال إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ أي فيبقين ثوابت على ظهر البحر إِنَّ فِي ذَلِكَ أي في جري هذه الجواري في البحر في تسخير الله تعالى الرياح بجرها لآيَاتٍ أي لعبرة وعظة وحجة بينة على القدرة الأزلية لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ أي لكل مؤمن وإنما آثر المذكورين تذكيرا بما ينبغي أن يكون المؤمن عليه من وفرة الصبر، وكثرة الشكر إذ لا يكمل الإيمان بدونهما، والإيمان نصفان، نصف صبر ونصف شكر. انتهى.
وفي الزمان السابق كانت السفن صغارا لا تشبه بالجبال إلا على ضرب من التجوز والتسامح، أما في زماننا هذا فقد صنعت سفن كالسفينة الإنكليزية المسماة ” ماري كوين ” أي الملكة مارية، وحمولتها ثمانون ألف طن وسمعت أن اليابانيين صنعوا سفينة من ناقلات الزيت حمولتها مائتا ألف طن فهذه السفن شبيهات بالجبال يستمتع المسافرون فيها بالنار أنواعا من المتاع، فالنار هي التي تحملهم وتسيرهم، وتجعل سفينتهم في الليل الحالك قطعة من النور وفيها مطاعمهم، ودور اللهو كالمسرح، ودور الصور المتحركة وآلات النقل للأثقال من الأرض إلى الباخرة ومن الباخرة إلى الأرض في المراسي وفي عرض البحر كل ذلك استمتاع بالنار، ومنها الطائرات بجميع أنواعها، فإنها تسير بالنار، والمسافرون فيها يستمتعون بسبب النار أنواعا من الاستمتاع، لولا وجود النار ما قدروا على شيء منها، ومنها الصواريخ والأقمار الصناعية والسفن الفضائية التي تخرق الغلاف الجوي للأرض كأنها السهام المنبعثة من القسي، أو الرصاص المنبعث من البنادق فتشق ذلك السقف المحفور، وتخرج إلى الفضاء الخالي، فتجول فيه دائرة حول الأرض أياما وليالي كثيرة، لأن يومها وليلتها لا يزيدان على ساعة ونصف ثم ترجع إلى الأرض التي منها خلقت وفيها صنعت بإذن العليم الحكيم.
وأما قوله تعالى في سورة الرحمن ( 33 – 35 ) : يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ فَانْفُذُوا لاَ تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ
قال البيضاوي: إن قدرتم أن تخرجوا من جوانب السماوات والأرض، هاربين من الله، فارين من قضائه فانفذوا، فاخرجوا لاَ تَنْفُذُونَ لا تقدرون على النفوذ إِلا بِسُلْطَانٍ إلا بقوة وقهر وأنى لكم ذلك. أو إن قدرتم أن تنفذوا لتعلموا ما في السماوات والأرض فانفذوا لتعلموا، لكن لا تنفذون ولا تعلمون إلا ببينة نصبها الله تعالى فتعرجون بأفكاركم عليها فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ أي من التنبيه والتحذير والمساهلة والعفو مع كمال القدرة، أو مما نصب من المصاعد العقلية والمعارج النقلية، فتنفذون بها إلى ما فوق السماوات العلى يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ لهب من نار ونحاس ودخان قال:
تضـــــيء كضـــــوء ســــراج الســــليط *** لـــم يجـــــعل اللـــــه فيـــــه نحاســــا
أو صفر مذاب يصب على رؤوسهم فَلا تَنْتَصِرَانِ فلا تمتنعان فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ فإن التهديد لطف والتمييز بين المطيع والعاصي بالجزاء والانتقام من الكفار في عداد الآلاء. انتهى.
قوله ” تضيء كضوء سراج السليط “: هو الزيت والنحاس. ولم يجئ في هذه الآيات تفسير عن النبي – صلى الله عليه وسلم – وقد اختلف المفسرون فيها، فلا حرج علينا أن نفسرها بما يوافق لغة العرب ووقائع علم البيئة، ففيها تحد للجن والإنس أنهم مكبلون بقدرة الله في هذه الأرض، لا يستطيعون أن يخرجوا من فضاء الله، وما لهم مهرب ولا محيص فإن الله ربط حياتهم وسلامتهم بهذا الغلاف الجوي لا يستطيعون اختراقه والخروج عنه إلا بقوة من الله ليمنحهم إياها متى شاء على القدر الذي يريده، أما الأرض فقد سخرها لهم وجعلها واسعة مذللة، وأذن لهم أن يمشوا في مناكبها، ويأكلوا من رزقه في جميع أرجائها، برها وبحرها، لا حرج عليهم، أما الخروج عنها فلا يمكنهم إلا بالقدر الذي يريده الله بما يشاء وبالسلطان الذي يمنحهم مع بقائهم مرتبطين بالأرض منها يتزودون، غذاء وهواء، وأخبارا، وإليها يرجعون اضطرارا.
فكل سفينة تسعى لاختراق هذا الجو المحيط بالأرض الذي هو جو الحياة المحفوظ من الآفات السماوية من الشهب والنيازك والإشعاع القاتل، تعرض نفسها للاحتراق بالنار والنحاس، فإن شاء الله منحها سلطانا تتغلب به وتنتصر على الشواظ من النار والنحاس وإن لم يشأ احترقت وتلاشت، فسبحان العزيز العليم.
قال القاسمي في تفسير هذه الآية: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ أي لتوحيده يَشْرَحْ أي يوسع صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ بتثقيله بنور الهداية، فيقبل نور الحق كما قال تعالى: وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ روى عبد الرزاق أن النبي – صلى الله عليه وسلم – سئل عن هذه الآية كيف يشرح صدره؟ قال: نور يقذف فيه فينشرح له وينفسح. قالوا: فهل لذلك من أمارات يعرف بها ؟ قال: الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل لقاء الموت. رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم. قال ابن كثير: وللحديث طرق مرسلة ومتصلة يشد بعضها بعضا، وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا أي شديد الضيق فلا يتسع للاعتقادات الصائبة في الله، والأمور الأخروية. وقوله كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ أي يتكلف الصعود في جهة السماء، وطبعه يهبط إلى الأرض فشبه للمبالغة في ضيق صدره من يزاول أمرا غير ممكن؛ لأن صعود السماء مثل فيما يمتنع ويبعد من الاستطاعة، وتضيق عنه المقدرة. انتهى.
وليس مقصودي بهذه الإشارة أنه استوعب ما ظهر في الآفاق للعلماء والباحثين فقد ألف في ذلك الإمام السلفي خاتمة المحققين وسيف الله المسلط على المبتدعين السيد محمود شكري الألوسي البغدادي جزءا لطيفا سماه ( ما دل عليه القرآن مما يعضد الهيئات الجديدة القويمة البرهان ) ولم يتعرض رحمه الله للآيات التي ذكرتها من سورة الواقعة والرحمن، فأكتفي بهذا القدر الذي سقته على سبيل التنبيه.
فضائل القرآن وشروطها
اعلم أن للقرآن حياة بلا موت، وغنى بلا فقر وعزا لا ذل معه، وسعادة لا يخالطها ولا يعقبها شقاء، وقوة أبدية، ونصرا سرمديا، وفضائله لا تعد ولا تحصى ولكن لإدراكها شروط لا تنال بدونها البتة، وهذه الشروط مبينة في الكتاب وفي بيانه وهو السنة، ولو أردت أن أستوعب ما وصل إليه علمي القاصر من هذه الفضائل المشروطة لطال الكلام حتى يبلغ مجلدات، لذلك أقتصر على ذكر شيء من ذلك وفي بعضه كفاية فمن آيات الكتاب العزيز.
1 – قوله تعالى في سورة النساء ( 174 – 175 ) : يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْـزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: يقول تعالى مخاطبا لجميع الناس، مخبرا بأنه قد جاء منه برهان عظيم، وهو الدليل القاطع للعذر والمحبة المزيلة للشبهة، ولهذا قال: وَأَنْـزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا أي ضياء واضحا على الحق، قال ابن جريج وغيره، وهو القرآن: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا أي جمعوا بين مقام العبادة والتوكل على الله في جميع أمورهم، قال ابن جريج: آمنوا بالله واعتصموا بالقرآن، رواه ابن جرير. وقوله تعالى: فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ أي يرحمهم فيدخلهم الجنة، ويزيدهم ثوابا ومضاعفة، ورفعا في درجاتهم من فضله عليهم، وإحسانه إليهم وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا أي طريقا واضحا قصدا قواما لا اعوجاج فيه ولا انحراف، وهذه صفة المؤمنين في الدنيا والآخرة فهم في الدنيا على منهاج الاستقامة وطريق السلامة في جميع الاعتقادات والعمليات، وفي الآخرة على صراط الله المستقيم المفضي إلى روضات الجنات. انتهى.
2 – قال تعالى في سورة المائدة ( 16 ) : يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: يخبر تعالى عن نفسه الكريمة أنه قد أرسل رسوله بالهدى ودين الحق إلى جميع أهل الأرض عربهم وعجمهم، أميهم وكتابيهم، وأنه بعثه بالبينات والفرق بين الحق والباطل فقال تعالى: يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ أي: يبين ما بدلوه وحروفه وأولوه وافتروا على الله فيه ويسكت عن كثير مما غيروه ولا فائدة في بيانه. وقد روى الحاكم في مستدركه من حديث ابن عباس قال: ( من كفر بالرجم فقد كفر بالقرآن من حيث لا يحتسب ) يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ فكان الرجم مما أخفوه، ثم قال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ثم أخبر تعالى عن القرآن العظيم الذي أنزله على رسوله الكريم فقال: قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ أي طرق النجاة والسلامة ومناهج الاستقامة، وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ أي: ينجيهم من المهالك، ويوضح لهم أبين المسالك فيصرف عنهم المحظور، ويحصل لهم أحب الأمور وينفي عنهم الضلالة ويرشدهم إلى أقوم حالة. انتهى.
نفهم من آيتي النساء وآية المائدة أمورا:
الأول: أن القرآن نور وبرهان من الله تعالى، أما كونه نورا فإنه يخرج كل أمة آمنت به وعملت بمقتضاه واتخذته إماما وحكما من ظلمات الشقاء المادي والروحي إلى نور السعادة الكبرى، حتى تكون أسعد الأمم في حياتها من جميع الوجوه، ولا تكاد تساويها في ذلك أمة أخرى من الأمم المخالفة، وذلك بعينه هو ما حدث للعرب الذين استضاءوا بنور القرآن، ولكل أمة استضاءت به بعدهم.
وأما كونه برهانا، فإنه حجة من الله تعالى على خلقه جميعا، فأي جماعة استمسكت به ظهرت وانتصرت وفازت وعلت، وبذلك تتم الحجة على غيرها من الأمم التي سلكت غير مسلكها.
وقوله سبحانه: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا دليل عل أن الإيمان بالله، والاعتصام بالقرآن – كما قال ابن جريج – شرط في الاستضاءة بذلك النور والخروج من ظلمات الشقاء فمن اعتل إيمانه بالله ولم يعتصم بالقرآن ولم يعمل به ولا اتخذه إماما وحكما لا يستضيء بنوره، ولا يخرج من ظلمات شقائه، والرحمة هنا هي السعادة الدنيوية والأخروية جميعا، أي سعادة البدن والروح، العاجل والآجل، والفضل هو زيادة الإكرام والإنعام لمتبعي ذلك النور فوق ما يخطر ببالهم حتى يدهشوا ويتحيروا ويغبطوا. وقوله سبحانه: وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا أي يديم عليهم نعمته ويسلك بهم طريق السعادة، وهذا الصراط هو المعبر عنه في آية المائدة بـ سُبُلَ السَّلامِ
الثاني: في آية المائدة خطاب لأهل الكتاب وهم اليهود والنصارى، وحث لهم على الإيمان بخاتم النبيين رسول رب العالمين محمد – صلى الله عليه وسلم – أنه يبين لهم كثيرا مما أخفوه في كتبهم لآية الرجم ويعفو عن الكثير مما تدعو الضرورة إلى بيانه فيتركه مستورا.
الثالث: أن الله سبحانه أخبرهم بأنه قد جاءهم منه نور وبرهان كما قد جاء غيرهم، وهذا النور والبرهان هو كتاب الله القرآن، فالعطف عطف تفسير كما في قول الشاعر:
ألا حـــــبذا هنـــــد وأرض بهـــــاؤهنــــد *** وهنــد أتــى مــن دونهــا النــأي والبعــد
فالنأي هو البعد، وقال عنترة:
حــــييت مــــن طلــــل تقـــادم عهـــده *** أقــــــوى وأقفـــــر بعـــــد أم الهيثـــــم
فالإقواء هو الإقفار، وقال عدي بن زيد:
فقـــــــــــــــــــد دث الأديــــــــــــــــــم *** وألفـــــــى قولهـــــــا كذبــــــا ومينــــــا
والمين هو الكذب ومثله قوله تعالى في سورة البقرة ( 53 ) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ فالفرقان هو الكتاب.
وأخبر سبحانه بأنه يهدي بذلك الكتاب المبين من اتبع رضوانه، و ( من ) من ألفاظ العموم تصدق على الفرد والجماعة، فكل من اتبع رضوان الله بأن عمل بما في كتابه واستضاء بنوره فاتخذه إماما وحكما، وتخلق بما فيه من الأخلاق يهديه الله سبل السلام، أي طرق السلامة في الدنيا والآخرة، فلا يسلك سبيلا إلا صحبته السلامة ويخرجهم أي المستضيئين بنور القرآن من الظلمات إلى النور، وظلمات الحياة كثيرة، والنور هو زوالها، ولذلك أفرد ( بإذنه ) أي بتوثيقه وإرادته، ويهديهم في جميع أعمالهم إلى صراط مستقيم، وهو الاعتدال في أعمالهم وأحكامهم بلا إفراط ولا تفريط لتمسكهم بالقرآن الذي هو الميزان، كما سيأتي في حديث الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب مرفوعا ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم.
1 – وقال تعالى في سورة الأعراف ( 2 – 3 ) كِتَابٌ أُنْـزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُوا مَا أُنْـزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ
قال الخازن: كِتَابٌ أُنْـزِلَ إِلَيْكَ يعني هذا الكتاب أنزله الله إليك يا محمد وهو القرآن فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ يعني فلا يضق صدرك بالإبلاغ وتأدية ما أرسلت به إلى الناس، انتهى. لِتُنْذِرَ بِهِ أي بالقرآن جميع الناس تخوفهم من عذاب الله في العاجل أو الآجل إذا أعرضوا عنه ولم يتبعوه وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ أي لتذكر وتعظ به المؤمنين فإنهم المنتفعون بالموعظة والذكرى، ثم قال تعالى مخاطبا جميع الناس اتَّبِعُوا مَا أُنْـزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وهو هذا القرآن وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ من شياطين الإنس والجن، توالونهم على خلاف القرآن، والمؤمنون المنتفعون بالقرآن هم الموصوفون في أول السورة التي تلي هذه، وهي سورة الأنفال ( 2 – 4 ) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ.
عبر سبحانه وتعالى بــ ( إنما ) التي هي للحصر، وأكد هذا الحصر في آخر الآيات، أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا وقد تضمنت هذه الآيات خمس صفات لا يتم الإيمان بدونها، الأولى وجل القلب أي خوفه عند ذكر الله
الثانية: زيادة الإيمان عند سماع آيات الله تتلى
الثالثة: التوكل على الله والاعتماد عليه وحده لا شريك له في جلب المنافع ودفع المضار، والثقة بوعده.
الرابعة: إقامة الصلاة، أي أداؤها قائمة كاملة تامة بالمحافظة على أوقاتها وطهارتها وجماعتها وأركانها وآدابها، والخشوع فيها، وكونها مطابقة لصلاة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لقوله عليه السلام صلوا كما رأيتموني أصلي رواه البخاري.
الخامسة: إنفاق المؤمن مما رزقه الله، زكاة وغيرها، والمتصفون بهذه الصفات يعلي الله درجاتهم في الدنيا والآخرة وينصرهم في الدنيا والآخرة ولهم رزق كريم في الدنيا والآخرة وهم المتبعون للقرآن السعداء به، واقتصر على هذا القدر من آيات كتاب الله العزيز، لأن المقام لا يتسع لأكثر منها – وفيها بيان كاف.
الأحاديث النبوية في هذا المعنى
1 – عن النواس بن سمعان قال: سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران كأنهما غمامتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما رواه مسلم.
الظلة والغمامة: ما أظل الإنسان فوق رأسه كالسحاب ونحوه، والفرقان تثنية فرق بالكسر، وهو السرب من الطير، والشرق الضوء والنور، وتحاجان عن صاحبهما: أي تشفعان له، والشاهد في قوله وأهله الذين كانوا يعملون به في أن أهل القرآن حقا هم الذين يقرءونه ويعملون به، أما الذين يقرءونه ولا يعملون به فليسوا بأهله، ولا ينالون هذا الفصل.
عن الحارث الأعور قال: مررت بالمسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت على علي فأخبرته فقال: أو قد فعلوها ؟ قلت نعم، قال أما إني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: ألا إنها ستكون فتنة، قلت: ما المخرج يا رسول الله ؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أذله الله وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع به العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ من قال به صدق ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم، رواه الدارمي والترمذي وقال: هذا حديث في إسناده مجهول وفيه الحارث ثم قال:
ليس لهذا الحديث إسناد صحيح، ولكن معناه صحيح، ولذلك رواه المنذري في الترغيب والترهيب، والبغوي في المصابيح، وابن كثير في التفسير، والأحاديث التي كانوا يخوضون فيها وشغلتهم عن القرآن هي القصص والأخبار والحكايات التي لا طائل تحتها، والمساجد إنما بنيت للصلاة وذكر الله، وخير الكلام كلام الله، وبه ينبغي أن تعمر المساجد لا بالرأي والأباطيل، قال الشعبي رحمه الله: والله لقد بغض إلى أهل الرأي المسجد، حتى لهو أبغض إليهم من كناسة المسجد.
وقوله أوقد فعلوها إنكار عليهم، والضمير عائد على الفعلة الشنيعة، وقد صح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مجيء الفتن بعد زمانه عليه الصلاة والسلام، ولا شك أن من تمسك بكتاب الله وسنة رسوله التي هي بيانه عصمه الله من الفتن في كل زمان ومكان، وفي زماننا هذا فتن عظيمة ولا مخرج منها للدول والشعوب وآحاد الناس إلا باتباع القرآن اتباعا حقيقيا، والعمل به وتحكيمه ورفع رايته، وقوله نبأ ما قبلكم أخبار الأمم السابقة وما أصابها من العذاب بإعراضها عن كتب الله ورسل الله، وخبر ما بعدكم من سوء عواقب الظالمين والفاسقين عن أمر الله، والمتعدين لحدود الله، وأشراط الساعة، فمن تمسك به هداه الله دائما سبل السلام كما تقدم في آية المائدة وحكم ما بينكم الأحكام الشرعية التي تحتاج إليها الأمة إلى يوم القيامة.
وقوله هو الفصل أي الفاصل بين الحق والباطل، وليس فيه شيء من الهزل، بل هو جد كله من تركه من جبار قصمه الله أي ترك القرآن من الجبارين القاهرين لخلق الله المتعالين عن حكم الله، قصمه الله، أي أهلكه ومن ابتغى الهدى أي طلب الحق والرشاد والعدل في غير القرآن أي مما يضاد القرآن ويناقضه أضله الله أي أخرجه عن سبل السلام وأوقعه في سبل الهلاك. وقوله وهو حبل الله المتين قال الحافظ ابن كثير عن أبي جعفر الطبري بسنده إلى أبي سعيد قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء والأرض وروى ابن مردويه بسنده إلى عبد الله قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إن هذا القرآن هو حبل الله المتين وهو النور المبين وهو الشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن اتبعه، وروي من حديث حذيفة وزيد بن أرقم نحو ذلك. انتهى.
فمن تمسك بالقرآن كما تمسك به أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – والصالحون من بعدهم من جماعات وآحاد أوصله إلى السعادة الأبدية، ومن أعرض عنه، فإن له معيشة ضنكا، أي ضيقة نكدة في هذه الدنيا، ويحشره الله يوم القيامة أعمى لأنه كان في الدنيا أعمى لا يستضيء بنور القرآن، وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلا فكل ما أصاب المنتمين إلى الإسلام في هذا الزمان هو بسبب إعراضهم عن القرآن، ومن شك فليجرب، وكيف يشك عاقل في ذلك، وهذا تاريخ المسلمين أمامنا، كأننا ننظر إليه بأعيننا مطابق لهذا الوعيد كل المطابقة، وقد اعترف بهذا الموافق والمخالف حتى الملحدون أعداء الدين اعترفوا بأن القرآن هو الذي نفخ في أتباعه روح الحياة، وبعثهم على اقتباس المدنيات وعلوم الحضارة كما قرره ( جوزيف ماك كيب )، ونقله عن كبار الفلاسفة الملحدين في كتابه ( مدينة العرف في الأندلس ) في أكثر من موضع، ويحتمل أن يكون الحبل بمعنى العهد في قوله تعالى وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا من أعرض عن القرآن فقد نقض عهد الله، فالمعنيان متلازمان.
قوله لا تزيغ به الأهواء يعني أن من كان هواه تبعا للقرآن، يحيي ما أحيا القرآن، ويميت ما أمات القرآن، ويثبت ما أثبته القرآن، وينفي ما نفاه القرآن، ويرفع ما رفعه القرآن، ويخفض ما خفضه القرآن، ويدور معه كيفما دار، فهو سعيد موفق منصور مهتد ؛ لأن القرآن هو الصراط المستقيم، فمن خرج عنه وقع في الزيغ والهلاك، ويشابه هذا المعنى حديث الأربعين، قال النووي: عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به حديث حسن صحيح، رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح.
ومصداقه في كتاب الله عز وجل، قال تعالى في سورة النساء ( 65 ) فَلا وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا فلا تصح دعوة الإيمان ولا تدرك ثمرته، وهي السعادة إلا برد كل نزاع إلى كتاب الله وسنة رسوله، والرضا بما يصدر عنهما من حكم مع التسليم والإذعان والمحبة.
وقوله ولا تلتبس به الألسنة لأن الله يسر تلاوته وتدبره على العرب والعجم، ولذلك تجد المجودين والمتضلعين في علوم القرآن من الشعوب الأعجمية أكثر مما تجدهم من العرب.
فقد جرت مباراة في ماليزيا بالشرق الأقصى في تجويد القرآن وحسن تلاوته اشترك فيها أربعة عشر قطرا، رجالا ونساء، ففاز بالجائزة الأولى قراء ماليزيا وقارئاتها، وفاز بالجائزة الثانية قراء إندونيسيا وقارئاتها وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ
ولا يشبع منه العلماء لأن فوائده لا نهاية لها، فمن شبع منه فهو من الجاهلين، والأستاذ ( محمد مارماديوك ) الإنجليزي النسب – رحمه الله – في مقدمة تفسيره للقرآن بالإنجليزية كلام حسن في هذا المعنى، وليس تحت يدي الآن نسخة منه لكي أنقله، وكذلك الأستاذ الفرنسي ( خير الدين زيني ) في تفسيره للقرآن بالفرنسية رحمه الله.
ولا يخلق عن كثرة الرد أي لا يبلى مع كثيرة التلاوة وإعادتها ولا يمل ولا تنقضي عجائبه أي أودع الله في القرآن حكما وأسرارا لا نهاية لها فلا تزال تظهر للمفكرين والمتدبرين فيتعجبون منها، هو الذي سمعته الجن فأجلته وأكبرته، وبهرها حتى قالت إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ إلى الخير والعدل والحق، وأهم ذلك توحيد الله، ولذلك قالوا وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا وسائر ما قالوه في سورة الجن يدل على شدة تأثير القرآن فيهم، وقوله من قال به أفتى بمقتضى ما فيه صدق أي أصاب الحق، ومن أفتى بخلافه كذب ومن عمل به نجا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، ومن لم يعمل به هلك هلاكا أبديا ومن حكم به عدل ومن حكم بخلافه تعدى وظلم ومن دعا إليه أي إلى تحكيمه والعمل به فقد هدي بصيغة المجهول والمعلوم، وهما متلازمان، لأنه الهادي إلى الصراط المستقيم مهدي.
تجويد القرآن
اعلم أن تجويد القرآن فرض على كل قارئ، وتعليمه فرض كفاية على أهل كل بلد، فإن تركوه وأهملوه أثموا جميعا، وقد نص العلماء على ذلك، وحرروه أتم التحرير، غير أن هذا المقال قد طال – لذلك أردت أن ألم به إلماما.
قال ابن الجزري في المجلد الأول من كتابه ( النشر في القراءات العشر ) ص210 ما نصه: التجويد مصدر من جود تجويدا، والاسم منه الجودة ضد الرداءة يقال: جود فلان في كذا إذا فعل ذلك جيدا، فهو عندهم عبارة عن الإتيان بالقراءة مجودة الألفاظ، بريئة من الرداءة في النطق، ومعناه انتهاء الغاية في التصحيح وبلوغ النهاية في التحسين.
ولا شك أن الأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده، فهم كذلك متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة، المتصلة بالحضرة النبوية الأفصحية العربية، التي لا تجوز مخالفتها ولا العدول عنها إلى غيرها.
والناس في ذلك بين محسن مأجور، ومسيء آثم أو معذور، فمن قدر على تصحيح كلام الله تعالى باللفظ الصحيح العربي الفصيح، وعدل إلى اللفظ الفاسد العجمي أو النبطي القبيح، استغناء بنفسه، واستبدادا برأيه وحدسه، واتكالا على ما ألف من حفظه، واستكبارا عن الرجوع إلى عالم يوقفه على صحيح لفظه فإنه مقصر بلا شك، وآثم بلا ريب، وغاش بلا مرية، فقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
أما من كان لا يطاوعه لسانه، أو لا يجد من يهديه إلى الصواب، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولهذا أجمع من نعلمه من العلماء على أنه لا تصح صلاة قارئ خلف أمي، وهو من لا يحسن القراءة، واختلفوا في صلاة من يبدل حرفا بغيره، سواء تجانسا أم تقاربا وأصح القولين عدم الصحة. ثم نقل عن الشيخ أبي عبد الله نصر بن علي بن محمد الشيرازي في كتابه الموضوع في وجوب القراءات في التجويد منه ما نصه: ” فإن حسن الأداء فرض في القراءة، ويجب على القارئ أن يتلو القرآن حق تلاوته، صيانة للقرآن عن أن يجد اللحن والتغيير إليه سبيلا “.
ثم مضى إلى أن قال: ” فالتجويد هو حلية التلاوة، وزينة القرآن وهو إعطاء الحروف حقوقها وترتيبها في مراتبها، ورد الحرف إلى مخرجه وأصله، وإلحاقه بنظيره وتصحيح لفظه، وتلطيف النطق به على حال صيغته، وكمال هيئته، من غير إسراف ولا تعسف، ولا إفراط ولا تكلف، وإلى ذلك أشار النبي – صلى الله عليه وسلم – بقوله: من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد يعني عبد الله بن مسعود ” وكان قد أعطي حظا عظيما في قراءة القرآن وتحقيقه وترتيله كما أنزله الله تعالى.
وناهيك برجل أحب النبي – صلى الله عليه وسلم – أن يسمع القرآن منه، ولما قرأ أبكى رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
كما ثبت في الصحيحين، وروينا بسند صحيح عن أبي عثمان النهدي قال صلى بنا ابن مسعود المغرب بـ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ووالله لوددت أنه قرأ بسورة البقرة من حسن صوته وترتيله.
والأخــــــــذ بـــــــالتجويد حـــــــتم لازم *** مـــــن لـــــم يجـــــود القـــــرآن آثـــــم
لأن بــــــــــــه الإلـــــــــــه أنـــــــــــزل *** وهكـــــــــذا منــــــــــه إلينـــــــــا وصلا
وهـــــــو أيضـــــــا حليــــــة الــــــتلاوة *** وزينــــــــــــــة الأداء والقـــــــــــــــراءة
فواجــــــــــب عليهـــــــــم محـــــــــتم *** قبــــــل الشـــــــروع أولا أن يعلمــــــوا
مخــــــــارج الحــــــــروف والصفـــــــات *** ليلفظـــــــــوا بـــــــــأفصح اللغــــــــات
وهذا الواجب مضيع في المغرب لا يقوم بأدائه إلا النادر من أهل العلم، مع أن المغرب أحق الناس بالعناية بإصلاح اللسان لاختلاطهم مع الأعاجم وإبدال كثير منهم بعض الحروف، كالجيم يبدلونها زايا، والتاء يبدلونها بحرف ألماني بين التاء والسين، والثاء ينطقون بها مثل ذلك، والذال يبدلونها دالا مهملة، والظاء يبدلونها ضادا، والشين يبدلونها سينا، وقد يبدل هؤلاء السين شينا، يرتكب ذلك حتى من ينسب إلى العلم منهم من غير نكير، وقد أشار إلى ذلك المحقق ابن عبد السلام الفاسي في كتابه الذي ألفه في القرآن وعلومه وآدابه في المجلد الأول قال: اللحن لحنان: جلي، وخفي، فالجلي: لحن الإعراب، والخفي: لحن ترك إعطاء الحرف حقه من تجويد لفظه، وذلك إما بالنسبة إلى مخارجها، بأنه لا تعطى حقها الواجب لها.
وإما بالنسبة إلى صفاتها التي تحقق ذاتها وتفصلها عما يشاركها أو يقاربها، وإما بالنسبة إلى تبديلها بغيرها كجعل الظاء المعجمة مكان الضاد، وكجعل السين مكان الشين المعجمة، وكجعل الزاي مكان الجيم، وكجعل الغين المعجمة مكان الراء، وكجعل الهمزة مكان القاف، إلى غير ذلك مما يطول تتبعه مما نسمعه من ألسنة الناس. انتهى.
وقد سمعت بأذني قارئا يقرأ قوله تعالى: إِلا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ بإبدال الشين سينا والجيم زايا والذالين دالين مهملتين، وهذا من اللحن الذي يغير المعنى، وقد نقل القاضي عياض في الشفاء الإجماع على أن من بدل حرفا في القرآن عمدا كفر.
ومن أسوا ما يرتكبه المغاربة من تبديل الحروف نطقهم بالتسهيل في قراءة ورش هاء خالصة فيقرءون الهمزة الثانية في ( أئنك ) و ( أئذا ) وما أشبه ذلك هاء وليس هذا معنى التسهيل، فالتسهيل تليين الهمزة الثانية حتى تكون بين الألف والهمزة، أو بين الواو والهمزة، أو بين الياء والهمزة، ويقابله التحقيق وهو النطق بهما همزتين خالصتين.
ولم ينعدم التجويد بالمرة في المغرب في أي زمن، ولكنه كما قلت سابقا نادر، وأكثر القراء على خلافه، ومما يدلنا على ذلك ما جاء في نصوص الشيخ التهامي بن الطيب السجلماسي ثم الغرفي في إنكار تبديل التاء بما تقدمت الإشارة إليه، وهذه الأبيات بعضها مختل الوزن فأنا أنقلها على علاتها، قال:
تحــفظ رعــاك اللــه فـي السـر والجـهر *** علـى مخـرج التـاء حـين تتلـو علـى غـير
إلــى الحــنك اصعــد حـين إخراجـك لهـا *** ولا تنحـــون نحـــو الثنايــا تنــل شــكري
ولا تحـــــدثن فيهــــا صفــــيرا ورخــــوة *** فــذلك فعـــل الجاهليـــة ذوي الســـكر
فبالســـين والـــزاي الجـــهرا وصادهـــا *** يخــــص صغـــير القـــوم كـــلهم قـــادر
كمـــا خـــصصوا رخـــوا بجملــة أحــرف *** وليس لحـــرف التـــاء فيهــن مــن ذكــر
وقد كان علماء المغرب إلى عهد قريب جدا معنيين بتجويد كتاب الله أحسن عناية، قل ما يجاريهم في ذلك علماء قطر آخر من الأقطار الإسلامية، حتى أن الملك فؤاد ملك مصر لما أراد أن يطبع المصحف على الرسم العثماني، وكلف بذلك جماعة من علماء مصر المحققين لم يجدوا من الكتب ما يعتمدون عليه مثل كتاب مورد الظمآن بشرح العالم المقرئ عبد الواحد بن عاشرة، ومن أشهر المنظومات التي عم نفعها، وقل في التحقيق والبلاغة نظيرها ( الدرر اللوامع في أصل مقرأ الإمام نافع ) لأبي الحسن علي بن الرباطي، المشهور بابن بري قال في المنظومة المذكورة:
القــــول فــــي التحـــقيق والتســـهيل *** للهمـــــــز والإســــــــقاط والتبـــــــديل
والهمــــز فــــي النطــــق بـــه تكـــلف *** فســـــــــهلوه تـــــــــارة وحـــــــــذفوا
وأبدلـــــــوه حــــــرف مــــــد محضــــــا *** ونقلـــــــــوه للســـــــــكون رفضـــــــــا
فنـــــافع ســــهل أخــــرى الهمــــزتين *** بكلمـــــة فهــــي بــــذاك بيــــن بيــــن
قال شارحه إبراهيم المارغني شيخ القراء بالجامع الأعظم بتونس المتوفى سنة 1349 هـ في شرحه لمنظومة ابن بري المسمى ( النجوم الطوالع على الدرر اللوامع في أصل مقرأ الإمام نافع ) ما نصه ” التسهيل في اصطلاح القراء إذا أطلق اختص بالتسهيل بين بين، أي فالهمزة الثانية بسبب ذلك التسهيل لكونها بين بين، أي بينهما وبين الحرف المجانس لحركتها فتكون المفتوحة بين الهمزة والألف، والمضمومة بين الهمزة والواو، والمكسورة بين الهمزة والياء، هذا هو المأخوذ به عندنا في كيفية التسهيل بين بين. قال أبو شامة: وكان بعض أهل الأداء يقرب الهمزة المسهلة من مخرج الهاء، قال: وسمعت أنا منهم من ينطق بذلك، وليس بشيء لكن جوز الداني وجماعة إمدادها هاء خالصة في الأنواع الثلاثة، قال العلامة سيدي عبد الرحمن بن القاضي في بعض تكاليفه: جرى الأخذ عندنا بفاس والمغرب في المسهل بالهاء خالصة مطلقا وبه قال الداني. انتهى. وجوزه بعضهم في المفتوحة دون المضمومة والمكسورة، والأكثرون على المنع مطلقا، وعليه جرى عملنا بتونس. انتهى. ”
قال محمد تقي الدين الهلالي: الصواب هو تسهيل الهمزة الثانية بين بين، كما قاله أبو الحسن ابن بري، وقرره شارحه، ولا حق للداني أن يتصرف في كتاب الله فيبدل حرفا بحرف، لأن القراءة سنة متبعة لا مجال فيها للاجتهاد، ولا تصح الرواية بإبدال أخرى الهمزتين هاء البتة.
وقد روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وقد طال المقال حتى أنه لا يحتمل الزيادة، فنسأل الله أن ينفعنا ويرفعنا بالقرآن العظيم، وبما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأن يجعله لنا شافعا مشفعا، وآخر دعوانا أن الحمد رب العالمين.
مكناس: الدكتور تقي الدين الهلالي
(1) مجلة دعوة الحق، العدد 105 (العدد 3 – السنة 11) – شوال 1387هـ / يناير 1968م – ص 85-94.
(2) مجلة البحوث الإسلامیة، العدد 9 – ربیع الأول / جمادى الثاني 1404 – ص 77-96.
(3) مجلة البعث الإسلامي، العدد 5 المجلد 29، صفر 1405هـ / نوفمبر 1984م – ص 21-43.