قوله: ينكرون فضل أبناء فاطمة: قال الله تعالى: ” إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ” قال الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية: وهذا نص في دخول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في أهل البيت ههنا، لأنهن سبب نزول هذه الآية، وسبب النزول داخل فيه قولا واحدا، إما وحده على قول أو مع غيره على الصحيح. وروى ابن جرير عن عكرمة أنه كان ينادي في السوق، “إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا” نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وسلم خاصة. وقال عكرمة: من شاء باهلته، أنها نزلت في شأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن كثير: فإن كان المراد أنهن كن سبب النزول دون غيرهن فصحيح، وإن أريد أنهن المراد فقط دون غيرهن، ففي هذا نظر. ونقل ابن كثير حديث أهل العباءة الخمسة: النبي صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين بروايات مختلفة متعددة أحسنها ما رواه مسلم من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها وكان معه علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، فجللهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكساء كان عليه ثم قال: هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
قال أبو الطيب القنوجي بعدما ذكر اختلاف المفسرين المراد بأهل البيت: وقد توسطت طائفة ثالثة بين الطائفتين فجعلت الآية شاملة للزوجات ولعلي وفاطمة والحسن والحسين. أما الزوجات فلكونهن المرادات في هذه الآيات كما قدمنا ولكونهن الساكنات في بيوته صلى الله عليه وسلم النازلات في منازله، ويعضد ذلك ما تقدم عن ابن عباس وغيره وأما دخول علي وفاطمة والحسن والحسين فلكونهن قرابته وأهل بيته في النسب. ويؤيد ذلك ما ذكرناه من الأحاديث المصرحة بأنهم سبب النزول، فمن جعل الآية خاصة بأحد القربتين أعمل بعض ما يجب إعماله، وأهمل ما لا يجوز إهماله.وقد رجح هذا القول جماعة من المحققين، منهم القرطبي وابن كثير وغيرهما، وقال جماعة، هم بنو هاشم، واستدلوا بما تقدم من حديث ابن عباس، ويقول زيد ابن أرقم المتقدم، حيث قال: ولكن آله من حرم االصدقة بعده: آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس، فهؤلاء ذهبوا إلى أن المراد بالبيت بيت النسب.
قال تقي الدين الهلالي: لا شك أن عليا وفاطمة والحسن والحسين من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم خصوصا وعموما، أما خصوصا فإن النبي صلى الله عليه وسلم ربى عليا في بيته وكان له بمنزلة الوالد ثم زوجه فاطمة زهي بضعة منه يسوءه ما ساءها ويسرها ما سرها وأما فاطمة فهي ابنته وهي داخلة في أهل بيته دخولا أوليا وأما الحسن والحسين فقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم أنهما ابناها ولم يزل يعاملهما معاملة الأب لابنه وهما متصلان به من جهة الأم ومن جهة الأب. وكذلك موالي النبي صلى الله عليه وسلم كزيد بن حارثة وأبي رافع من أهل بيته على سبيل التبعية فإن مولى القوم منهم. ونساؤه من أهل بيته وكذلك سراريه كمارية القبطية أم ولده إبراهيم عليه السلام. فهؤلاه ومن في معناهم أهل بيته على سبيل الخصوص. وأما عموما فإن عليا ابن عمه وهو ممن نص عليه حديث زيد بن أرقم وهم الذين حرمت عليهم الصدقة لعلو مقامهم كما حرمت على النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمد. عن ابن رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على الصدقة من بني مخزوم، فقال لأبي رافع: إصحبني فإنك تصيب منها، فقال: لا حتى آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله، فأتاه فسأله فقال: مولى القوم من أنفسهم وإنا لا تحل لنا الصدقة. رواه أحمد والثلاثة وابن خزيمة وابن حبان. فاشتراك بني هاشم والمطلب على قول الشافعي وسيأتي دليله. أقول: إشتراكهم مع النبي صلى الله عليه وسلم في تحريم الصدقة لأنها أوساخ الناس كما قال النبي صلى الله عليه وكذلك اشتراكهم معه في الخمس.
وقد نص الله تعالى على حق ذوي قربى الرسول فقال: “واعلموا أن ما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول ولذي القربى” أي قرابة الرسول يوجب لهم فضلا على غيرهم ويبين لنا بوضوح من هم آل النبي. فثبت مما تقدم أن أهل العباءة من آل النبي صلى الله عليه وسلم خصوصا و عموما.
جريدة الميثاق: عدد 15 ذي الحجة 1382هـ موافق 09 ماي 1963م
أجزاء السلسلة:
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (1)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (2)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (3)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (4)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (5)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (6)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (7)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (8)