44- تأشيرة السفر – ومن الأخطاء الشائعة الفاضحة التعبير بالتأشيرة في جواز السفر بمعنى الإذن الذي تعطيه سفارة دولة من يريد السفر إلى بلادها، فهذا اللفظ بهذا المعنى لا أصل له في اللغة العربية، وسبب استعماله، أن بعض البلدان العربية يستعملون في لغتهم العامية أَشَّر، بفتح الهمزة وتشديد الشين مفتوحة، بمعنى أشار فيقولون يؤشر له بيده أي يشير له فاستعمل بعض جهلة الكتاب التأشيرة، بمعنى الإشارة، يريد بذلك سِمَة الدخول إلى بلاد دولة من الدول، وتبعه أمثاله في ذلك، وانتشرت هذه الكلمة عند العامة، واستعملتها الخاصة تبعاً بدون مبالاة والذين لا يعرفون اللغات الأجنبية منهم يظنون أنها مقتبسة منها وأنها شيء محتم لا بد منه، ولا غنى عنه، فيذعنون له كما يذعنون إلى غيره من الألفاظ الدخيلة والمولَّدة، وبذلك يخدش وجه اللغة العربية، وتزول محاسنها، ويقضى عليها، حتى إذا قابل العالم بها إنشاء أهل هذا الزمان بإنشاء أسلافهم يصيبه من الحيرة والدهشة مثل ما يصيبه إذا قابل هَمْعَهُم بهمعهم وأعمالهم بأعمالهم فينشد قول الشاعر:
ذهب الرجال المقتدى بفِعالهم
وبقيت في خلف كجلد الأجرب
وقول الآخر:
ذهب الرجال المقتدى بفِعالهم
والمنكرون لكل أمر مُنْكَر
وبقيت في خلَف يزكي بعضهم
بعضاً ليسكت معور عن معور
والمعور الذي بفيه خلل.
والتأشير في كلام العرب غير مهمل ولكن له معنى، غير ذلك. قال صاحب اللسان تأشير الأسنان تحزيزها وتحديد أطرافها وقد أشرت المرأة أسنانها تأشرها أشراً وأشّرتها (بتشديد الشين) حززتها: ثم مضى، إلى أن قال والتأشيرة ما تعض به الجرادة، والتأشير شوك ساقيها اهـ. المراد منه والصواب أن يقال بدل التأشيرة (السِمَة) بكسر السين وفتح الميم مخففة.
وهذا اللفظ مستعمل فعلاً في العراق يقال فلان منح سمة الدخول إلى البلاد العراقية أو المرور بها، وهو استعمال صحيح.
45- سلام حار وشكر حار، هذا مما أخذه المستعمَرون بفتح الميم، مِنَ المستعمِرين بكسرها، والسلام عند لا يوصف بالحرارة بل بالكثرة والطيب والزكاة. فيقال أزكى السلام وأطيبه ويشبه السلام عند العرب بالنسيم الذي يهب على الروض فيحمل أطيب روائحه إلى المحبوب قال بعضهم:
سلام على الأحباب في القرب والبعد
سلام كما هب النسيم على الورد
لا يقال هذا اقتباس حسن، يقتبسه الكاتب العربي من الكاتب الأوربي، لأنا نقول إن الإنشاء العربي قد بلغ أوج الكمال فلا حاجة إلى أن يقتبس من الآداب الأوربية شيئا سبقهم إليه وعلمهم إياه المسلمون، وليس هذا من المخترعات، ولا من المكتشفات التي كانت مجهولة حتى يقتبسها العرب من مخترعيها ومكتشفيها.
46- الليلة الماضية أو ليلة أمس ومن الجهل باللغة العربية تعبيرهم بالليلة الماضية أو ليلة أمس، كما تعبر بها الإذاعات ويقتدي بها المتكلمون والكتاب، والصواب أن يقال البارحة. قال صاحب اللسان: والبارحة أقرب ليلة مضت، تقول لقيته البارحة ولقيته البارحة الأولى، وقال ثعلب تقول مذ غذوت إلى أن تزول الشمس رأيت الليلة في منامي فإذا زالت، قلت رأيت البارحة من أمثال العرب ما أشبه الليلة بالبارحة! أي ما أشبه الليلة التي نحن فيها بالليلة الأولى التي قد برحت وزالت ومضت، اهـ كلام صاحب اللسان، وقد ضمن بعضهم هذا المثل فقال في ذم أصدقائه:
كل خليل كنت خاللته
لا ترك الله له واضحة
كلهم أروغ من ثعلب
ما أشبه الليلة بالبارحة
يقول أن أصدقاءه يشبه بعضهم بعضا في الخيانة والغدر ويدعو عليهم بأن لا يترك الله لأحدهم واضحة أي سنا. أقول البارحة الأولى من الليلة التي قبل البارحة وهذه العبارة لا تزال مستعملة عندنا في سجلماسة (تفلالت) وقد غير لفظها إلى أن صار هكذا (البارحة الأولى).
47- أما عن كذا وكذا، وهذا من التعابير المأخوذة من لغات المستعمرين، ولا تزال طرية يعرفها كل من يعرف اللغات الأجنبية واستعمارها للعربية، وطغيانها عليها، ومسخها لجمالها والصواب أن يقال أما ويأتي بالكلمة المقصورة مرفوعة، إن كانت عارية عن العوامل التي توجب نسبها نحو:
ولم أر كالمعروف أما مذاقه
فحلو وأما وجهه فجميل
و(أما) إن كانت في متناول عامل ينصبها فيؤتى بها منصوبة كقوله تعالى:﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ﴾ وأما إن كانت الكلمة جارّا ومجرورا فيؤتى بها بعد أما نحو ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ وأما هؤلاء الكتاب المخطئون فإنهم جعلوا كل كلمة تأتي بعد مجرورة بِعَن، مثلا أما عن فلان فقد فعل كذا وكذا فيقحمون (عن) بدون معنى لموافقة جهلة المترجمين، ولو سألت أحدهم لماذا عبرت بهذه العبارة، لقال لك سمعت كتابا مترجمين، وخطباء ومذيعين يعبرون بها، فهل يجوز أن يكون هؤلاء كلهم مخطئين؟ ولو سألت أولئك الكتاب والخطباء لما كان جوابهم أضل من جواب مقلدهم. وهذا مضرب المثل (تمسك غريق بغريق) أي أعمى يقود أعمى. وما المانع أن يكونوا مخطئين فهل هم معصومون؟ فالمعصوم من الخطأ عند علماء هذا الشأن هو القرآن وما صح من كلام العرب الخلص إلى آخر عهد بني أمية قبل أن يفشو اللحن والخطأ، وتختل اللغة، ويرجع كذلك إلى قواعد اللغة ومن نظر في كتاب الله وكلام العرب، يتبين له لأول وهلة جهل هؤلاء المركب، فإنهم يجهلون ويجهلون أنهم جاهلون وما أكثر هذا الجهل المركب في البلدان المتأخرة التي اختلط حابلها بنابلها والتبس حقها بباطلها.
48- لم ترضخ للاستعمار:– من الأفعال الشائعة الاستعمال في الصحف والمجلات والخطب وكلام الناس والإذاعات استعمال رضخ له بمعنى خضع وهو استعمال مخترع مكذوب لا أصل له فإن الرضخ إذا تعدى بنفسه فمعناه الكسر وإذا تعدى باللام فمعناه العطاء القليل، يقال رضخ رأس الحية أي كسره ورضخ له من ماله أي أعطاه شيئا قليلا، ورضخت المرأة النوى بالمرضخة أي كسرته لتجعله خلصا للمواشي، ومن لا يزن كلامه بقسطاس مستقيم بل يأخذ إنشاءه من كلام كل من هب ودب فإنه يقع في أخطاء لا تعد ولا تحصى، ولا نتعجب من العامة إذا فعلوا ذلك وإنما نتعجب من الخاصة الذين يرجى منهم أن يسهروا على تحقيق اللغة وإصلاح الخطأ، فإذا بهم يرتكبون الأخطاء ولا يبالون وربما يغضبون إذا نبهوا ويتعصبون، وهذا مضرب المثل (بالملح يصلح ما فسد، فكيف إذا الملح فسد) فلسان حال اللغة العربية ينشدهم:
إذا رمتم قتلي وأنتم أحبتي
إذن فالأعادي واحد والحبائب
49- ومن استعمار بل استعباد اللغات الأوربية للغة القرآن تسميتهم الرجل العظيم شخصية، والرجال العظماء شخصيات (واللفظ الإنكليزي لهذه الكلمة الدخيلة personality للمفرد personalities للجمع، والسبب في ذلك أن جهلة المترجمين ترجموا اللفظين خطأ بذلك، فتبعتهم العامة، ثم استسلمت الخاصة للعامة، وتبعتهم بسبب الخلط والخبط والارتباك الواقع في الإنشاء العربي، بل في سائر شؤون العرب في الأزمنة المتأخرة التي اختل فيها النظام، وبقى الناس فوضى، وقد راجعت كتب اللغة على سبيل الاحتياط فلم أزدد إلا يقيناً بفساد هذا الاستعمال، والصواب أن يقال بدل الشخصية رجل عظيم أو نبيل أو سري والشخصية لفظ مؤنث ففيه طعن وذم لمن وصف به فكيف يكون تعظيما وفي لسان العرب ما نصه.
والشخيص العظيم الشخص والأنثى شخصية والاسم الشخاصة. قال ابن سيده ولم أسمع له بفعل فأقول إن الشخاصة مصدر، أبو زيد رجل شخيص إذا كان سيدا، وقيل شخيص إذا كان ذا شخص وخلق عظيم بيِّن الشخاصة وشخُص الرجل بالضم فهو شخيص أي جسيم اهـ.
قال محمد تقي الدين: يرحم الله ابن سيده ما أشد حرصه على سلامة اللغة العربية، والمحافظة عليها من الاختلال، فحيا الله ذلك الزمان الذي كان فيه للغة العربية حماتها وأنصارها يذودون عن حماها ويصونونها من العابثين والجاهلين. فإنه رحمه الله، لم يستطع أن يقيس فيوجد لهذه الصفة فعلا لأنه لم يسمعه مرويا عن العرب مع أنه قياس وجيه فإن فعيلا يأتي في الغالب من فَعُل بالضم كعَظُم فهو عظيم، وجمل فهو جميل، وكرم فهو كريم. وقد ذكر بعد ذلك صاحب اللسان الفعل فإن لم يسمعه ابن سيدة فقد سمعه غيره وأثبته وتبين مما نقلته من كلام اللسان أنه يمكن أن يقال رجل شخيص بمعنى رجل نبيل فيكون بديلا عن اللفظ الأعجمي الأصل وهو الشخصية فيقال شخيص وشخصاء بدل شخصية وشخصيات وشخيص أجمل لفظا مع كونه مرويا وليس فيه تأنيث فيصح أن يكون ترجمة لذلك اللفظ الإنكليزي إذا احتيج إليه وأقبح من ذلك لفظ تحيرت في معناه الألباب، اخترعه شخص جاهل فنشرته مجلة دعوة الحق الغراء بدون تعليق مع أنه تكرر في مقالات هرف بها ذلك الشخص ولا نقول إنه شخيص وقد تعجب أحد كبار العلماء المصريين وهو صاحب الفضيلة الشيخ عبدالرحمن الوكيل من هذا اللفظ حين كتب إليه ذلك الشخص كتاباً خاصاً واستعمل فيه ذلك اللفظ المخترع المكذوب على اللغة العربية ألا هو (الشخصانية) ثم ولد لفظا آخر وهو (التشخصن) فصار ابنا للشخصانية ومثل هذا يزري بمجلة دعوة الحق وهي مجلة لها مقام سام في النوادي الأدبية في أنحاء العالم فعسى أن يتنبه سيادة رئيس التحرير لذلك وما نقلته من تعجب الأستاذ الوكيل وتحيره في ذلك اللفظ في (مجلة الهدى النبوي) التي كان يصدرها في القاهرة إلى أن توقفت بعد حرب يونيو 1967.
50- ومن التعابير التي شاعت في هذا الزمان قولهم ساعدته الظروف أو لم تساعده الظروف أو حالت الظروف بينه وبين ما يريد وهو كثير في كلام الخاصة والعامة وهو استعمال غير عربي، ولنبدأ بمعرفة معنى الظرف والظروف لننظر هل يصح إسناد الفعل إليها على سبيل المجاز العقلي كما يسند إلى الزمن والدهر والليل والنهار أو لا يصح؟ – أما إسناد الفعل إلى الدهر على سبيل المجاز العقلي شائع في كلام العرب فمن ذلك قول وزير عزله ملكه من الصباح إلى الزوال ثم رضي عنه ورده إلى مكانته من مخلع البسيط.
عاداني الدهر نصف يوم
فانكشف الناس لي وبانوا
يا أيها المعرضون عني
عودوا فقد عاد لي الزمان
وذلك أنه حين عزل تنكر الناس له وتغيروا فقال لهم ارجعوا إلى ما كنتم عليه من التملق والتعظيم فإن الزمان الذي عاداني وأعرض عني فاقتديتم به قد عاد إلي وأقبل علي فعودوا أنتم أيضا فأسند العداوة إلى الدهر والعَوْدُ إلى الزمان على سبيل المجاز، والزمن لم يعاده في الحقيقة ولم يُقْبِل عليه:
ومثل ذلك قول آخر:
رأيت الدهر في خفض الأعالي
وفي رفع الأسافلة اللئام
فقيها صح في فتواه قول
بتفضيل السجود على القيام
والدهر لم يرفع أحدا ولم يخفضه بل الخافض الرافع هو الله تعالى وإنما ذلك مجاز أسند الفعل فيه إلى ملابسه، وهو زمانه الذي وقع فيه، فقوله عاداني الدهر أي عاداني الناس والسلطان في الدهر، وعاداني الزمان أي عاداني الحظ في الزمان، ومثل ذلك إسناد الفعل إلى الدنيا والعرب تفعل ذلك كثيرا قال ابن الوردي في لاميته:
اترك الدنيا فمن عادتها
تخفض العالي وتعلي ومن سفل
وقال غيره:
سألت عن الدنيا الدنية قيل لي
هي الدار فيها الدائرات تدور
إذا أقبلت ولت وإن أحسنت أمسـ
ـت وإن عدلت يوما فسوف تجور
وإسناد الفعل إلى الدنيا كإسناده إلى الزمان لأن الدنيا في الأصل صفة الحياة، وبذلك جاء القرآن في غير موضع، والمراد بالدنيا: القربى فُعْلى: من الدنو وتقابلها الحياة الأخرى وإسناد الأفعال إلى الظروف يقصد به ما قصد بإسنادها إلى الزمان والدهر فالظاهر أنهم أخذوا ذلك من تعبير النحاة بظرف الزمان، فإن قيل فهمنا من كلامك أنك لا تنكر إسناد الفعل إلى الزمان على سبيل المجاز، وقد اعترفت بأن مراد المعبرين بالظروف الأزمنة والأوقات فلماذا حملت عليهم هذه الحملة الشديدة؟ فالجواب أن هناك فرقا كبيرا بين إسناد الفعل إلى الزمان وإسناده إلى الظرف مفردا أو مجموعا لأن تعبير النحاة اصطلاح وليس بحقيقة لغوية فإن العرب لم تسم الزمان ظرفا ولا الأوقات ظروفا قال صاحب اللسان: وظرف الشيء وعاؤه، ومنه ظروف الأزمنة والأمكنة الليث، الظرف وعاء كل شيء، حتى إن الإبريق ظرف لما فيه والصفات في الكلام التي تكون مواضع لغيرها تسمى ظروفا من نحو أمام وقدام وأشبه ذلك. تقول خلفك زيد إنما انتصب، لأنه ظرف لما فيه وهو موضع لغيره، وقال غيره: الخليل يسميها ظروفا، والكسائي يسميها الحال، والفراء يسميها الصفات والمعنى واحد، اهـ. فالظرف كما قلنا اصطلاح لبعض النحاة يشمل الزمان والمكان ولا يجوز أن يعبر في اللغة عن الزمان بالظرف فلا يقال أقمت في المدينة الفلانية ظرفا طويلا أو قصيراً وإنما يقال أقمت زمانا، أما قول الشاعر:
رأيت الدهر في خفض الأعالي
فإنه يشير إلى خلاف جار بين الفقهاء فيما هو أفضل أطول القيام في صلاة النوافل، أم كثرة السجود؟ أي السجدات، فقال قوم: كثرة السجود أفضل، واحتجوا بما رواه مسلم عن ربيعة ابن مالك الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(سل فقلت أسألك مرافقتك في الجنة فقال أو غير ذلك قلت هو ذاك قال فأعني على نفسك بكثرة السجود) وقال آخرون طول القيام أفضل من كثرة السجود، واستدلوا بحديث ورد في ذلك.
51- ثلاثينات أو الثلاثينيات:– ومن التقليد القردي ما يعبر به المذيعون في إذاعة لندن وغيرها إذا أرادوا أن يؤرخوا حادثة من الحوادث أنهم يقولون: وقع ذلك في الثلاثينات أو الثلاثينيات أو الأربعينات أو الأربعينيات من القرن التاسع عشر مثلا وهذه العبارة ترجمة لفظية للتعبير الإنكليزي وهي في غاية الفساد لأن القرن الواحد لا تتعدد فيه الأربعون ولا ثلاثون ولا خمسون، فلا حاجة إلى جمعها ولا معنى له.
52- بيانات وخلافات وقرارات وما أشبه ذلك: ومن الأخطاء التي شاعت وذاعت في الزمان جمع كثير من الأسماء المذكرة من مصادر وغيرها بالألف والتاء فيقولون في جمع البيان بيانات، وفي جمع قرار قرارات، وفي جمع خلاف خلافات، وفي جمع جواز السفر جوازات. وهذا من أبين الخطأ لأن المفردات التي تجمع هذا الجمع معروفة، ولا تجوز الزيادة عليها إلا ما سمع من العرب وقد جمعها بعضهم بقوله:
وقسه في ذي التا ونحو ذكرى
ودرهم مصغرا وصحرا
وزينب ووصف غير العاقل
وغير ذا مسلم للناقل
فالأول ذو التاء يعني تاء التأنيث كغرفة وغرفات وصلاة وصلوات وكاتبة وكاتبات وفاطمة وفاطمات ولو كان مذكرا كطلحة وطلحات، والثاني، ما كان آخر ألف التأنيث المقصورة نحو ذكرى وذكريات وبشرى وبشريات وحبلى وحبليات، والثالث الاسم إذا صغر وكان لمذكر مما لا يعقل، كدريهم ودريهمات وغزيل وغزيلات، والرابع: ألف التأنيث المدودة، كحمراء وحمراوات وصفراء وصفراوات، الخامس: كل اسم علم مؤنث وإن لم تكن فيه التاء كزينب وزينبات وهند وهندات، السادس: وصف غير العاقل كقوله تعالى:﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ﴾ ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ فإن معلومات جمع معلوم، ومعدودات جمع معدود، هذه ستة يقاس فيها الجمع بالألف والتاء، وقد سمع من العرب جمع الحمام على حمامات وجمع السرادق على سرادقات، قال صاحب اللسان: السرادق ما أحاط بالبناء والجمع سرادقات، قال سيبويه جمعوه بالتاء وإن كان مذكرا حين لم يكسر، وفي التنزيل:﴿ أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ﴾ في صفة النار أعاذنا الله منها، وسورة الكهف رقم (29).
وقال ابن كثير في تفسيره: قال ابن جريج: قال ابن عباس أحاط بهم سرادقها، قال حائط من نار اهـ. فإن قلت فكيف نجمع هذه الألفاظ أقول، أما القرار فيستغنى بجمع المقرر عن جمعه فيقال المقررات وهو داخل في القسم السادس مما تقدم، وأما البيان فيجمع على أبينة لأن فعالا يجمع على أفعلة، وأما الخلاف فهو مصدر لا حاجة إلى جمعه فإذا أردنا كثرته نقول خلاف كثير، أم جواز السفر فيجمع على أجوزة، وكل اسم يراد جمعه ينظر في قواعد جموع التكسير ويجرى عليها.
المدينة المنورة – الدكتور محمد تقي الدين الهلالي
مجلة دعوة الحق: العدد 118 (العدد 6 – السنة 12) – صفر 1389هـ – ماي 1969م – ص: 26-30