3) تأمل قول الإمام ابن كثير: فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء عليهما السلام سواء وإنما يتفاضلون بالأمور الدينية، وهي طاعة الله تعالى ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم. هذا الكلام واضح في أن الفضل الثابت لأهل البيت عليهم السلام لم يجئهم من حيث الطين وحده فإن الناس فيه سواء وإنما جاءهم من حيث الطين المصحوب بالدين، فإذا خلا من الدين لم يبق له فضل.قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴿7﴾ رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدتَّهُم وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ }
فانظر كيف شرط الصلاح في الآباء والأزواج والذرية وكذلك شرطه رسوله صلى الله عليه وسلم في حديث الذي هو تفسير لكتاب الله وعبر بأداة الحصر فقال: {إنما وليي الله وصالح المومنين}. وتأمل النكتة في اشتراط الصلاح في المؤمنين في الآية والحديث تعرف أنهما خرجا من مشكاة واحد. ولا غرو فقد قال الله تعالى: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} ولم يقل أحد من الطوائف بالشرف الطيني المجرد فيما نعلم إلا البراهمة وبنو إسرائيل بعد ذهاب زمان أنبيائهم، ومن المتأخرين المحاولين لإثبات هذه الفكرة (روزنبرك) الزعيم الثقافي للحزب الناتسي حزب هتلر، فلم ينجح ذلك بل كان وبالا على أهله.
4) تأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتكبرها بآبائها: العبية بكسر العين المهملة وكسر الموحدة التحية مشددة فياء مثناة من تحت معناه ما عطف عليه التعظم والتكبر والفخر بالآباء. وقوله عليه الصلاة والسلام: “فالناس رجلان، رجل بر تقي كريم على الله تعالى، ورجل شقي هين على الله تعالى” : قسم النبي صلى الله عليه وسلم الناس كلهم إلى قسمين، وهذا التقسيم بيان لتقسيم الله سبحان، قال تعالى: {يوم تبيض وجوه وتسود}، قال ابن عباس: تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف وتسود وجوه أهل البدعة والاختلاف. وقال تعالى: {فريقا هدى وفريقا حقت عليهم الضلالة}، وقال تعالى: {فريق في الجنة وفريق في السعير}، وقال تعالى: {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن} إلى غير ذلك. والذي يفتخر بالنسب المجرد ويعتد به يقسم الناس إلى ثلاثة أقسام: بر تقي كريم على الله، وفاجر كريم على الله لنسبه، وفاجر شقي هين على الله لعدم تقواه وعدم نسبه وهذا التقسيم مخالف لتقسيم الله ورسوله فهو باطل.
جريدة الميثاق: عدد 1 ذي الحجة 1383هـ موافق 25 ماي 1963م
أجزاء السلسلة:
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (1)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (2)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (3)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (4)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (5)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (6)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (7)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (8)