قول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن أنسابكم هذه ليست بمنسبة على أحد” أي لا ترفع أحدا على أحد ولا تشف منزلته عليه، لأن جميع الناس خلقوا من نفس واحدة أي من آدم، ولا يعقل أن يكون بعض بني آدم أفضل من بعضه، وقوله عليه الصلاة والسلام: “طف الصاع” قال مجمع البحار: هو برفع طف ونصبها.
وجعله من الطف بمعنى التطفيف، وهو النقص. والمعنى أن الصاع وهو المكيال إذا كلنا به كيلة فطففناها بمسح أعلى المكيال بعصا ونحوها ثم وضعنا تلك الكيلة في مكان، ثم ملأنا الصاع مرة أخرى ومسحناه ووضعنا الكيلة الثانية في مكان آخر، فإن إحدى الكيلتين لا تزيد على الأخرى بشيء. كذلك بنوا آدم متساوون في الآدمية، لا يزيد بعضهم على بعض بشيء من حيث الطين، وإنما يتفاضلون بأمر آخر، وهو الإيمان وطاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. وهذا المعنى واضح في مثل قوله تعالى:{قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد} وقوله تعالى مخاطبا أفضل خلق محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي} أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لجميع الناس ليس عندي شيء من خصائص الله كملك خزائن السماوات والأرض وسائر الأرزاق الحسية والمعنوية، ولا من خصائص الملائكة ككونهم لا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون ولا يتعبون يسبحون الليل والنهار لا يفترون. والشيء الوحيد الذي خصني الله به من دونكم، إنما هو الوحي والرسالة. وهذا كلام واضح جدا في عين المسألة، قوله عليه الصلاة والسلام (وكفى بالرجل أن يكون بذيا بخيلا فاحشا) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فكل من يفتخر بالنسب يحتقر غيره ويتكلم بالبذاءة والفحش في القول بالسب والشتم والازدراء والهمز واللمز والطعن، ويكون بخيلا في الغالب، لأنه يرى لنفسه حقا على الناس ولا يرى لهم حقا عليه فلا يكافئهم على معروف أسدوه إليه، لأنه يراهم كالعبيد له، فكل ما فعلوه من الإحسان إليه فإنما هو واجب أدوه. فمثل هذه الحكم النفائس لا تصدر إلا من تلك المشكاة.
جريدة الميثاق: عدد 15 المحرم 1383هـ موافق 08 يونيو 1963م. ص: 8
أجزاء السلسلة:
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (1)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (2)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (3)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (4)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (5)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (6)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (7)
حقوق آل البيت مالهم وما عليهم (8)