مناظرة في مسألة القبور والمشاهد: (1) (2) (4) (5) (6) (7)
(المقام الحادي عشر) قولكم: ويشهد لما قلناه نفس الحديث النبوي (لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدًا)، فإنه نهى عن اتخاذ قبره قبلة يتوجه إليه المصلي، ولا يستقبل القبلة، ونهى عن اتخاذ قبره موضعًا للسجود عليه، فإن الله لعن اليهود حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قلتم: ومن المعلوم أنه ليس لليهود مساجد بالمعنى المعروف عند المسلمين، فالمقصود إذًا أنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد مواضع يسجدون عليها(1).
أقول: لا شك أن الحديث دال على ما ذكرتم، وهو النهي عن التوجه إلى القبر والسجود عليه، ولكن معناه غير منحصر فيما ذكرتم؛ لأن من تحرى السجود عند قبر النبي أو الصالح، فإنما يفعل ذلك تبركًا وتعظيمًا، وذلك هو المعنى الذي وقع النهي لأجله؛ لأنه ذريعة للشرك، فالسجود على القبر وعنده سواء ما دام المعنى المحذور موجودًا، وهنالك قرائن كثيرة لفظية ومعنوية تدل على ما ذكرت، فإن أبيتم إلا الوقوف مع ظاهر اللفظ، ففي غيره من الأحاديث التي تدل على تحريم تحري السجود عند قبور الصالحين كفاية، وقد تقدم ما فيه الغنية منها، وربما يأتي زيادة على ذلك.
(وقولكم): (من المعلوم أنه ليس لليهود مساجد بالمعنى المعروف عند المسلمين) (2) إن أردتم أن المتقدمين والمتأخرين منهم في مشارق الأرض ومغاربها ليس لهم معابد عند قبور أنبيائهم؛ فذلك ممنوع، والعلم به مستحيل، وعدم العلم بالشيء ليس علمًا بعدمه.
وكيف ينفَى عن اليهود ذلك، وقد أخبر به الصادق المصدوق، و ذكرت له أم سلمة كنيسة رأتها في أرض الحبشة وذكرت له ما رأت فيها من الصور، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح؛ بنوا على قبره مسجدًا، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله) رواه البخاري و مسلم من حديث عائشة فسمى النبي صلى الله عليه وسلم الكنيسة مسجدًا؛ لأنها بمعناه، لأن المسجد محل عبادة الله من ذكر وصلاة ودعاء، وكذلك الكنيسة عند النصارى.
وروى مسلم عن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا، وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد)، والمراد بالحديثين واحد، وهو النهي عن الصلاة عند القبر وجعله محلاًّ للعبادة، وبناء المسجد عليه.
وخص قبور الأنبياء والصالحين بالذكر؛ لأن الفتنة إنما وقعت للأولين والآخرين بها. واتخاذ قبور الصالحين محالَّ للعبادة هو أعظم باب للإشراك بالله، وما قرت عين إبليس بفتح باب مثله – نسأل الله تعالى العافية – ويظهر من حديث عائشة أن الكنيسة التي ذكرتها أم سلمة للنبي صلى الله عليه وسلم كانت على قبر صالح تبركًا به، وصوروا فيه الصور؛ لأن الصور التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (وصوروا فيه تلك الصور) هي التي رأتها أم سلمة، وهي كانت في كنيسة، فسماها النبي صلى الله عليه وسلم مسجدًا، والكنيسة لا يمكن أن تكون مبنية فوق القبر فقط، فلا بد أنها كانت حوله أو بقربه، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن من بنوها شرار الخلق، ونهانا عن ذلك في حديث جندب وغيره، فوضح أن المعنى المقصود بأحاديث الباب كلها هو النهي عن تحري العبادة عند قبور الصالحين والسجود على القبور نفسها، وإن كان اللفظ شاملاً له.
وقد فهم البخاري، وهو من أدق الناس فهمًا وأورعهم وأبعدهم من تحريف النصوص، ومن التعصب للمذاهب أن من ضربت قبة على قبر زوجها استمتاعًا بقربه وتعليلاً للنفس وتخيلاً باستصحاب المألوف من الأنس، ومكابرة للحس، يشملها نص اتخاذ القبور مساجد؛ لأنها لا بد أن تصلي مدة إقامتها في تلك الخيمة، وكانت سنة مع أنها لم تضرب عليه القبة لأجل الصلاة عنده، والتبرك به؛ لأن هذه البدعة لم تكن موجودة في ذلك الزمان، وإنما قصدت الاستئناس بقربه، وكانت قبتها من شعر أو نحوه لا من مدر، فسمعت هاتفًا فهمت من كلامه أن فعلها مكروه عند الله، ولما كان كلام ذلك الهاتف مطابقًا للدليل؛ أورده البخاري في الباب، ولم يورده على أنه دليل يحتج به؛ لأن الأحكام لا تثبت بمثله، فكيف بمن يبني قبة من مدر مزخرفة على القبر يقصدها الناس من كل صوب للدعاء والصلاة عندها، وذلك هو معنى بناء المساجد عليها واتخاذها أعيادًا، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك أشد النهي، ولعن فاعله، وأخبر أنه من شرار الخلق عند الله ؟ وشرار الخلق عند الله هم الكفار، وذلك يقتضي كفر من يتخذون القبور مساجد، ويؤيده ما رواه أحمد بن حنبل عن علي عليه السلام من حديث كسر الأوثان وتسوية القبور ولطخ الصور فإنه قال في آخره: يا رسول الله لم أدع بها وثنًا إلا كسرته، ولا قبرًا إلا سويته، ولا صورة إلا لطختها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عاد إلى صنيعة شيء من هذا؛ فقد كفر بما أنزل على محمد).ا.هـ
وهو صريح في أن من بنى بناء على قبر؛ كفر بذلك، ولا إشكال فيه؛ لأنه لا يبني على القبر إلا من غلا في صاحبه، وذلك باب الشرك كما تقدم، والحديث يدل على أنهم كانوا يجعلون التماثيل في القبور، ويبنونها تعظيمًا لأهلها؛ فخاف النبي صلى الله عليه وسلم على أمته الشرك؛ فنهاهم عن اتخاذ القبور مساجد، ولو كان السجود فيها لله وحده لأنها مظنة الشرك وبابه، لأن المصلي عند القبور يخشع في صلاته لأهلها، ويكون قلبه مع الله تارة ومع أصحاب القبور أخرى، ولا يزال الغلو يزداد في الجهلة، ويستدرجهم الشيطان حتى ينسوا الله، ويخلصوا التوجه لصاحب القبر، وهذا أمر واقع معلوم يقينًا عند كل من خالط القبوريين، ومن كان مبتلى بعبادة القبور، ثم تاب منها يقر على نفسه بذلك، فلا معنى لتجاهله وهو وشمس الضحى صحوًا سواء.
وما أكثر ذلك في هؤلاء الذين ينتسبون إلى السنة، وهم من أبعد الناس عنها وأشدهم عداوة لها.
اللهم إلا أن تكون سنة الشيطان الليطان، استذلهم وأغواهم، وأضلهم وأرداهم، فنعوذ بالله من حال أهل النار.
(المقام الثاني عشر) نقلتم عن فتح الباري أنه قال عند لفظ: (لأبرز قبره) أي لكشف عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتخذ عليه الحائل (3)، واقتصرتم على هذا الكلام من شرح الحديث، وحذفتم قوله بعده: والمراد الدفن خارج بيته، وهذا الكلام قالته عائشة قبل أن يوسع المسجد النبوي، ولهذا لما وسع المسجد؛ جعلت حجرتها مثلثة الشكل محددة حتى لا يتأتى لأحد أن يصلي إلى جهة القبر انتهى كلامه، وحذفكم لبقية كلامه أخل بالمعنى وأبهمه، لأن من رأى ما نقلتم، ولم يطلع على بقية كلامه يظن أن الحائل المذكور هو الذي جعل على القبر بعد إدخاله في المسجد، فيكون المعنى: ولولا ذلك أي خشية اتخاذ الناس قبر النبي مسجدًا؛ لأبرز قبره، أي كشف ولم يتخذ عليه حائل بعدما دخل في المسجد، وليس كذلك، بل مراد الحافظ ولولا ذلك لأبرز قبره – أي – كشف عنه بأن يدفن خارج البيت ولا يتخذ عليه حائل، وهو الحجرة التي كانت تسكنها عائشة، هذا معنى كلامه ولعل لكم عذرًا في حذف ما حذفتم لم نطلع عليه.
(المقام الثالث عشر) قولكم بعد نقل كلام الحافظ: فهل يوجد أصرح من ذلك ؟ ولا شك أن السجود على نفس القبر لا يجوز. (4)
أقول: إنما يستقيم ما أردتموه لو كان الحائل المذكور في كلام الحافظ هو الجدران الثلاثة المتخذة على القبر بعد إدخال الحجرة في المسجد، كما أوهمه إسقاطكم ذيل كلام الفتح، أما وقد تبين أن المراد بالحائل إنما هو حجرة عائشة، فالمخشي منه أولاً هو السجود عند القبر تبركًا وتعظيمًا، والسجود على القبر نفسه تابع له، ولذلك دفن النبي صلى الله عليه وسلم في حجرة مسكونة، فكان قبره محجوبًا عن الناس لا يسهل الوصول إليه، ولا سيما للعامة الذين يخشى عليهم أن يصلوا عند القبر ويفتنوا به لجهلهم، فحصر المعنى في السجود على القبر نفسه دون ما حوله لا تدل عليه أحاديث الباب، ولا كلام الحافظ، وسأنقل من كلام الحافظ ما لا يبقى معه شك في أن صاحب الفتح فهم من أحاديث الباب النهي عن الصلاة عند القبر كما فهمه سائر الأئمة، لكن بعض المتأخرين التبس عليهم الأمر؛ لأنهم نشئوا في أوطان غلبت البدع على أهلها حتى ألفوها وصارت دينًا يدان به لما ماتت السنن وعفت معالمها.
ومن أولئك البيضاوي فإنه لم يفهم معنى الحديث؛ فتناقض في كلامه أقبح تناقض، إذا جوز بناء المسجد عند قبر الصالح تبركًا به إذا أمن التعظيم، أولا يدري أن التبرك هو العظيم أو هو ملازم له ؟ فلا يبني أحد قبة أو مسجدًا على قبر للتبرك به إلا وقصده تعظيم صاحب القبر.
والشارع صلى الله عليه وسلم سد هذا الباب البتة؛ فنهى أشد النهي عن الصلاة عند القبور واتخاذ المساجد عندها، ولعن فاعل ذلك، وأخبر أنه من شرار الخلق عند الله، ولم يفرق في ذلك بين من قصد التعظيم لأهل القبور أو التبرك بهم، فكيف يسوغ للبيضاوي أو غيره أن يفتح هذا الباب الجهنمي الذي سده النبي صلى الله عليه وسلم بالتأويل والتحريف ؟ فعسى أن يكون قد التبس عليه الأمر، قال الحافظ في الفتح عند قول البخاري: (باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية ويتخذ مكانها مساجد لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وما يكره من الصلاة في القبور) قوله: وما يكره من الصلاة في القبور، يتناول ما إذا وقعت الصلاة على القبر أو بين القبرين.
وقال الحافظ أيضًا في آخر شرحه حديث عائشة في الباب المذكور: وفيه كراهية الصلاة سواء كانت بجنب القبر أو عليه أو إليه.
وقال: (في ص141 ج1 بعد ما تقدم بقليل: قوله – أي البخاري -: باب كراهية الصلاة في المقابر، استنبط من قوله – يعني النبي صلى الله عليه وسلم -: (ولا تتخذوها – أي بيوتكم – قبورًا) أن القبور ليست بمحل للعبادة؛ فتكون الصلاة فيها مكروهة، ثم ذكر حديث أبي سعيد الخدري عند أبي داود والترمذي مرفوعًا (الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام).
وقد اتضح مما نقلته من كلام صاحب الفتح أنه لا يفهم من كلامه أن النهي خاص بالسجود فوق القبر فقط كما ذكرتم قائلين: إنه لا يوجد أصرح من كلامه في رده.
(المقام الرابع عشر) قولكم: وتوجد أيضًا معان ثلاثة غير المعنى الذي قررناه، إلا أنه لا يمكن تفسير الأحاديث بواحد منها أحدها: أن يراد النهي عن وصل المساجد بموضع القبور، وهذا التأول خطأ فاحش؛ لأن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قد وصل بموضع قبره في زمن الصحابة والتابعين، فكيف يدعي أن ذلك منهي عنه، وقد رضي به الصحابة والتابعون وسائر المسلمين ؟ (5).
(أقول): قولكم: لا يمكن تفسير الأحاديث بواحد منها، ممنوع لما تقدم وما يأتي إن شاء الله.
قولكم: أحدها أن يراد النهي عن وصل المساجد، إلى قولكم: وهذا التأول خطأ فاحش (أقول): من نظر في أحاديث الباب متجردًا من العصبية وله أدنى نصيب من معرفة لغة العرب؛ يعلم يقينًا أن الأحاديث ناطقة ومصرحة أتم تصريح بالنهي عن وصل المساجد بالقبور، والنصوص في ذلك واضحة كشمس الضحى لا تحتاج إلى تفسير ولا تأويل، تفسيرها قراءتها عند من يعرف لغة العرب، وليس له في العصبية من أرب، ولم لا يمكن تفسير الأحاديث بذلك ؟، ولم صار تأولاً وهو نص جلي ؟ ولم صار خطأ فاحشًا ؟، قلتم: لأنه فعل في زمن الصحابة والتابعين ورضوا به هم وسائر المسلمين في تعبيركم بموضع القبور وموضع قبر النبي صلى الله عليه وسلم احتراس واعتراف بأن مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لم يوصل بالقبر نفسه بل بالحجرة وعبرتم عنها بالموضع وليس سواء، وإن كان النهي يشملها، فإن وصل المسجد بالقبر نفسه أكثر فتنة من وصله بحجرة فيها قبر.
وقولكم: (وقد رضي به الصحابة والتابعون وسائر المسلمين) دون إثباته خرط القتاد، ونحن نطالبكم أن تنقلوا لنا ذلك بأسانيد تفيد العلم، كما هي شريطة نقل الإجماع عند علماء الأصول، فيلزمكم أن تثبتوا ما ادعيتم، فالدليل على الناقل والبينة على المدعي، وليس علينا أن نأتي بما يبطل هذه الدعوى؛ لأنها لم تثبت بعد، ولكن نتبرع بذلك فنقول: مما يدل على أن أهل العلم والفضل من الصحابة والتابعين لم يرضوا بذلك ما قاله السمهودي في كتابه خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى (ص137 ط مصر): و للواقدي عن عطاء الخراساني: أدركت حجرة النبي صلى الله عليه وسلم فحضرت كتاب الوليد بن عبد الملك يأمر بإدخالها، فما رأيت يومًا كان أكثر باكيًا من ذلك اليوم، قال عطاء، فسمعت سعيد بن المسيب يقول: والله لوددت أنهم تركوها على حالها اهـ.
ثم قال السمهودي في الصفحة نفسها: وقال ابن زبالة حدثني محمد بن عبد العزيز عن بعض أهل العلم قال: قدم الوليد بن عبد الملك حاجًّا، فبينا هو يخطب الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ حانت منه التفاتة فإذا بحسن بن حسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم في بيت فاطمة بيده مرآة ينظر فيها، فلما نزل أرسل إلى عمر بن عبد العزيز فقال: لا أرى هذا قد بقي بعد، اشتر هذه المواضع وأدخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم المسجد واسدده وفي خبر ليحيى أنه لما نزل من خطبته أمر بهدم بيت فاطمة وأن حسن بن حسن وفاطمة بنت الحسين أبوا أن يخرجوا، فأمر بهدمه عليهم وهما فيه وولدهما، فنزع أساس البيت وهم فيه، فلما نزع قالوا لهم: إن لم تخرجوا منه؛ قوضناه عليكم، فخرجوا منه. اهـ ثم ذكر نحوه عن ابن زبالة أيضًا، ثم ذكر أن الحجاج اغتصب بيت حفصة من عبد الله بن عمر، فأبى أن يسلمه فهدده بالهدم، فقال: والله لا تهدمه إلا على ظهري، فأمر بهدمه فجاءت بنو عدي عبد الله فقالوا: ما أضعفك! هو يتأسف على قتل أبيك وينزع عن قتلك ؟ فأخرجوه فهدمه الحجاج.
ثم قال السمهودي في الكتاب المذكور في ص144: وعن عروة قال نازلت عمر بن عبد العزيز في قبر النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يجعل في المسجد أشد المنازلة، فأبى وقال: كتاب أمير المؤمنين لا بد من إنفاذه قال: فقلت: فإن أبيت فاجعل له جؤجؤًا أي وهو الموضع المزور شبه المثلث خلف الحجرة اهـ.
أقول: أفتكون أعمال أولئك الظلمة الغصبة حجة على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصريح في النهي عن اتخاذ القبور مساجد وبناء المساجد عليها والقباب تعظيمًا لها وغلوًّا ؟ وإن لم يصرح في الحديث بالنهي عن بناء القباب، فقد ورد النهي عن البناء على القبور مطلقًا غير مقيد بالمساجد ولا غيرها فالقباب داخلة فيه، والأحاديث الناهية عن بناء المساجد على القبور تدل بفحواها على تحريم بناء القباب، وإذا منعنا من بناء المساجد هناك وهي بيوت الله ومحال عبادته، فالقباب من باب أولى لأنها لا فائدة منها، بل فيها أعظم الضرر لأنها ذريعة إلى الذنب الأكبر الذي لا يغفره الله وهو الشرك، وقد ظهر من الأخبار السابقة أن الذي أدخل القبر في المسجد ليس من خيار الصحابة ولا التابعين، وإنما هو من الجبابرة، ولم يرض بذلك أبناء المهاجرين والأنصار ومن بقي من الصحابة كعبد الله بن عمر، بل بكوا أشد البكاء، وتأمل إنكار عروة عَلَى عمر بن عبد العزيز إدخال القبر المسجد وجوابه.
وفي الكتاب المذكور ما يدل على أن الوليد إنما بنى المسجد لأغراض فاسدة، وحسبك دليلاً على جهله بآداب الدين أنه زخرف المسجد فبناه بالفسيفساء، وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن زخرفة المساجد، وفي الحديث (لتزخرفنها كما زخرفتها اليهود) فمن زخرف المساجد؛ فقد تشبه باليهود وكذا من اتخذ المساجد والقباب على قبور الأنبياء والصالحين.
ونقل السمهودي أن الوليد لما أتم بناء المسجد بالرخام والذهب والفسيفساء وأنواع الزينة والنقوش التفت إلى أبان بن عثمان فقال: أين بناؤنا من بنائكم ؟ قال أبان: بَنَيْنَاهُ بناء المساجد، وبنيتموه بناء الكنائس اهـ بعضه بالمعنى.
ثم إنه لو لم يكن مدخل القبور في المسجد النبوي غير صالح للاقتداء به، لكنه غير معصوم، ولو لم ينقل لنا غصبه بيوت الناس ومباهاته بزخرفة المساجد وإنكار الناس عليه وبكاؤهم على إدخاله الحجرات النبوية في المسجد؛ ما كان ذلك حجة يعارض بها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن عدم العلم بإنكارهم ليس علمًا بعدمه، وكم أشياء ينكرها الصالحون بقلوبهم ولا يستطيعون إنكارها بألسنتهم، أو ينكرونها بألسنتهم همسًا عند خاصتهم بعد ما يأخذون عليهم العهد أن لا يبوحوا بذلك، وليس هذا مما تتوفر الدواعي على نقله كأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقول: بل هذا بالعكس، فالدواعي على كتمانه وافرة لأن في التصريح به إتلاف الأعراض والأموال والأرواح، فلا يتأتى لأحد أن يقول فعل ولم ينكر فكان إجماعًا وقد عصم الله أمة محمد الذين جعلهم وسطًا أن يجمعوا على إباحة ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ولعن فاعله، وأخبر أنه من شرار الخلق.
(المقام الخامس عشر) قول السيد مهدي :
(ثانيها) أن يراد النهي عن أن يقوم المصلي حول القبر، ويسجد على الأرض قريبًا من القبر، وهذا التأول خطأ لا يصلح حمل الأحاديث عليه لأنه لا ريب في أن البقعة المتضمنة لقبر نبي أو إمام عادل أو ولي لله تعالى أو غيره ممن له عند الله منزلة جليلة وجاه عظيم، تكون أشرف وأفضل من غيرها بنسبة شرف المدفون فيها، قال النووي في شرحه لصحيح مسلم في باب فضل الصلاة بمكة والمدينة قال القاضي عياض: أجمعوا على أن موضع قبره أفضل بقاع الأرض. اهـ (6)
قوله: وهذا التأول خطأ لا يصح حمل الأحاديث عليه، (أقول): هذا المعنى قد دلت عليه الأحاديث أوضح دلالة، فكيف يسمى تأولاً. قوله: لأنه لا ريب إلخ، غير مُسَلَّم لأن فضل الحالّ لا يستلزم فضل المحل (7)، قال البخاري في باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب: ويذكر أن عليًّا كره الصلاة بخسف بابل قال الحافظ ابن حجر هذا الأثر رواه ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن أبي المحلى قال: كنا مع علي فمررنا على الخسف الذي ببابل، فلم يصَلِّ حتى أجازه. ومن طريق أخرى عن علي قال: نهاني حبيبي صلى الله عليه وسلم أن أصلي في أرض بابل؛ فإنها ملعونة. في إسناده ضعف اهـ
بخاري، ثم أسند البخاري حديث عبد الله بن عمر مرفوعا (لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين، إلا أن تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لئلا يصيبكم ما أصابهم) زاد في المغازي: ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى جاز الوادي، وروى البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء من صحيحه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من بئرها، ولا يستقوا منها الحديث، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم بأرض ثمود وهي أرض عذاب من شرار البقاع ولا تزال كذلك، ولم يلزم فضلها بنزول أفضل الخلق فيها وأفضل الناس بعده أصحابه، ولم يقل أحد فيما علمت أنه يستحب السفر إلى الموضع الذي نزل به النبي بالحجر أو يبنى عليه قبة ويصلى فيه، بل نهى عن الصلاة في أرض العذاب كما تقدم في حديث علي وعن الشرب والاستقاء من مائها، وقد مر علي وهو من أفضل خلق الله بعد النبيين بأرض بابل وهي أرض خسف وعذاب، فلم تصر بمروره أرض رحمة؛ بل نهى عن الصلاة فيها ولا يستحب أن تبنى فيها قبة ولا أن يصلى فيها.
وقوله: أو ولي لله أو غيره ممن له منزلة جليلة وجاه عظيم (8) فيه أن غير ولي الله هو عدو الله ولا منزلة له ولا جاه لأن من كان مؤمنًا، ففيه ولاية لله ولا بد لقوله: { أَلاَ إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ } (يونس: 62-63) وقوله: { اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ } (البقرة: 257) الآية، فلا واسطة بين الولاية والعداوة.
قوله: قال القاضي عياض أجمعوا على أن موضع قبره صلى الله عليه وسلم أفضل بقاع الأرض (9)، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجلد الأول من الفتاوى (ص292) أما نفس محمد صلى الله عليه وسلم فما خلق الله أكرم عليه منه، وأما نفس التراب – يعني القبر – فليس هو أفضل من الكعبة البيت الحرام، بل الكعبة أفضل منه، ولا نعرف أحدًا من العلماء فضل تراب القبر على الكعبة إلا القاضي عياض، ولم يسبقه أحد إليه ولا وافقه أحد عليه اهـ فقول عياض لا يصح لأنه دعوى بلا دليل.
(المقام السادس عشر) قوله ولا ريب أن الصلاة ومثلها الدعاء وقراءة القرآن وسائر الأذكار والأعمال الشرعية في الأماكن الشريفة تكون أقرب إلى قبولها عند الله، ولهذا صارت الصلاة في المسجد أفضل من الصلاة في غيره، ولأجل الحصول على هذا الفضل كان السلف الصالح وأئمة المسلمين حتى في زماننا هذا يصلون ويدعون ويتضرعون عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم حتى إن الصفوف تحاذي نفس القبر الشريف اهـ (10).
أقول: فيه منتقدات (الأول) أن الصلاة والدعاء في الأماكن الشريفة أقرب إلى قبولها عند الله فيه إجمال، وهو على إطلاقه غير صحيح حتى ما ذهب إليه السيد مهدي من أن النهي يختص بالقبر نفسه، لأن الشرف إن كان في مدافن الصالحين، فإنما هو في القبور نفسها، وما حولها تابع لها، والسيد مهدي مقر معنا بأن السجود على القبر نفسه لا يجوز فضلاً عن أن يكون إلى القبور.
ونحن نقول: إن ما حول القبر أيضًا في حكم القبر للنصوص الدالة أوضح دلالة على ذلك، فلو كانت الصلاة في كل مكان شريف أقرب إلى القبول لكان الأولى أن تكون فوق القبر نفسه لأنه محل الشرف.
(الثاني) في كون البقعة لها فضيلة أن تشرع الصلاة فيها مطلقًا فضلاً عن أن تكون أقرب إلى القبول، فغار حراء له فضيلة لتعبد النبي صلى الله عليه وسلم فيه، ونزول الوحي عليه لأول مرة فيه ولم يشرع إتيانه للصلاة والدعاء فيه فضلاً عن أن يكون ذلك أقرب إلى القبول وكذلك الغار الذي اختبأ فيه النبي صلى الله عليه وسلم و أبو بكر وهو المذكور في القرآن لا يشرع إتيانه لصلاة ولا دعاء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم، في مخالفة أصحاب الجحيم): أجمع العلماء على ما علموه بالاضطرار من دين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الصلاة عند القبر – أي قبر كان – لا فضل فيها، ولا للصلاة في تلك البقعة مزية خير أصلاً، بل مزية شر، واعلم أن تلك البقعة وإن كانت قد تنزل عندها الملائكة والرحمة ولها شرف وفضل، ولكن دين الله بين الغالي فيه والجافي عنه، فإن النصارى عظموا (11)…
ولو كانت للصلاة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فضيلة لفعلها أحرص الناس على الخير وأسبقهم إليه وأعلمهم به السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، وحاشى لهم أن يعصوا النبي صلى الله عليه وسلم، بل كانوا يحذرون الصلاة عند القبر ويحذرون منها كما فعل عمر مع أنس ولو كانوا يتحرون الصلاة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم لنقل إلينا ذلك لأن الدواعي على نقله متوفرة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (اقتضاء الصراط المستقيم): فأما إذا قصد الرجل الصلاة عند بعض قبور الأنبياء أو بعض الصالحين متبركًا بالصلاة في تلك البقعة، فهذا عين المحادة لله ورسوله والمخالفة لدينه وابتداع دين لم يأذن الله به، وتقدم نقله الإجماع على أن الصلاة عند القبر لا فضل فيها، فكيف يظن مع ذلك بأحد من السلف والخلف الصالحين أنه يتحرى الصلاة عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره ؟.
(الثالث) قوله: ولهذا صارت الصلاة في المسجد أفضل منها في غيره.
أقول: هذا أيضًا على إطلاقه لا يصح، لما ورد في الصحيح أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، وفضيلة الصلاة في المسجد ليست لكونه مسجدًا فقط، فإن الله سمى المكان الذي بناه المنافقون للصلاة مسجدًا، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيه بقوله: { لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَداً } (التوبة: 108) فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتحريقه، وإنما كانت الصلاة في المسجد أفضل منها في غيره لأن الله شرعها فيه وأثنى على أهلها بقوله في سورة النور: { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَلاةِ } (النور: 36-37) الآية ولم يأذن الله قط ولا رسوله في الصلاة عند القبور ولا شرعها فيها، بل نهى عنها رسوله أشد النهي { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ القُوَى } (النجم: 3-5) فكيف يقاس ما شرعه الله وأثنى على فعله بما نهى الله عنه على لسان نبيه ولعن فاعله ؟ قوله: ولهذا الفضل كان السلف الصالح إلخ (12) تقدم جوابه.
وقوله: حتى إن صفوف الصلاة تحاذي نفس القبر الشريف (13) ممنوع؛ لأن قبره صلى الله عليه وسلم في حجرته وحجرته مسورة بسور فالصفوف لا يمكن أن تصل إلى قبره البتة، وقد روى مالك في الموطأ وغيره في غيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم لا تجعل قبري وثنًا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وقد استجاب الله دعاء نبيه فصانه بالحجرة والسور.
وقدا أشار إلى ذلك الإمام ابن القيم فقال وأجاد :
ولقد نَهَانا أن نصير قبره… عيدًا حذار الشرك بالديان
ودعا بأن لا يجعل القبر الذي… قد ضمه وثنًا من الأوثان
فأجاب رب العالمين دعاءه… وأحاطه بثلاثة الجدران
حتى اغتدت أرجاؤه بدعائه… في عزة وحماية وصيان
فكيف يدعي أن صفوف المصلين تصل إلى القبر نفسه ؟
وقول ابن القيم: ولقد نهانا البيت. إشارة إلى ما رواه الحفاظ من طرق كثيرة منها ما في سنن سعيد بن منصور حدثنا حبان حدثنا علي حدثني محمد بن عجلان عن أبي سعيد مولى المهدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تتخذوا بيتي عيدًا، ولا بيوتكم قبورًا، وصلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني) ورواه أبو داود بسنده عن أبي هريرة بلفظ (لا تجعلوا قبري عيدًا) وقال سعيد بن منصور في سننه: حدثنا عبد العزيز بن محمد قال أخبرني سهيل بن أبي سهيل قال رآني الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشى:
فقال: إلى العشاء. فقلت: لا أريده، فقال: ما لي رأيتك عند القبر ؟ فقلت :
سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: إذا دخلت المسجد؛ فسلم عليه، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تتخذوا بيتي عيدًا ولا بيوتكم مقابر، لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم) ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء. ا هـ.
فانظر إلى الإمام الحسن وكيف كره إتيان قبر النبي صلى الله عليه وسلم للسلام عليه ونهى عنه، وأمر الرجل إذا دخل المسجد أن يسلم على النبي ولا يأتي القبر ؟ والسلام على النبي مشروع عند دخول كل مسجد لا يختص بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم وفي مسند أبي يعلى حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثنا زيد بن إبراهيم من ولد ذي الجناحين حدثنا علي بن عمر عن أبيه علي بن الحسين أنه رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو فقال: ألا أحدثكم حديثا سمعته عن أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا تتخذوا قبري عيدًا ولا بيوتكم قبورًا فإن مسألتكم تبلغني أينما كنتم). ا. هـ قال الحافظ ابن عبد الهادي في كتابه الصارم المنكي ص109 وهذا الحديث مما أخرجه الحافظ أبو عبد الله المقدسي فيما اختاره من الأحاديث الجياد الزائدة على ما في الصحيحين اهـ.
فانظر إلى أهل البيت – سلام الله عليهم – كيف صانوا حمى التوحيد اقتداء بجدهم، ولم يرخصوا في إتيان قبر النبي صلى الله عليه وسلم للسلام ولا للدعاء، فكيف يُدَّعَى أن السلف الصالح كانوا يتحرون الصلاة والدعاء عند القبر ؟، وإذا وقع ذلك من بعض المسلمين خطأ وجهلاً، فليسوا معصومين من الخطأ والزلل، ولا تثبت المشروعية بفعل أحد سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف يرد حديث النبي صلى الله عليه وسلم وينسخ بمخالفتهم له ولو كان الأمر كذلك لنسخت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبق منها إلا ما شاء الله { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً } (الأحزاب: 36).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية (في اقتضاء الصراط المستقيم) بعدما ساق الأحاديث في النهي عن اتخاذ القبور مساجد: فهذه المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين والملوك وغيره يتعين إزالتها بهدم أو غيره هذا مما لا أعلم فيه خلافًا بين العلماء المعروفين، وتكره الصلاة فيها من غير خلاف أعلمه، ولا تصح عندنا في ظاهر المذهب لأجل النهي واللعن ولأحاديثَ أُخر. اهـ.
(له بقية)
((يتبع بمقال تالٍ))
الهوامش:
(1) العبارتان في ص 355 جزء المنار 5.
(2) ص 356 جزء 5.
(3) ص 356 جزء 5.
(4) ص 356 أيضًا.
(5) ص 356 أيضًا.
(6) المنار: في هذه المسألة مباحث أهمها أن فضل المكان على غيره إما ذاتي لمعنى فيه كخصب أرضه وجودة هوائه ومائه وهذا يعرفه كل أحد، وإما ديني كفضل المساجد وكون أفضلها الثلاثة لكثرة الثواب فيها إلخ وهذا لا يعرف إلا بنص الشارع، وإما عرفي كاختيار الناس بقعة يفضلونها على نظائرها لاجتماع أو عمل آخر أو لجلوس السلطان أو الأمير أو لدفن ميت شريف، وهذا التفصيل العرفي الإضافي لا يجعل للبقعة شيئًا من الفضل الحقيقي لا الذاتي ولا الديني، ولذلك صح في الحديث تصريحه صلى الله عليه وسلم بأن موقفه في عرفات و المزدلفة ونحره في منى لا يقتضي فضل هذه الأماكن على غيرها من المشاعر الثلاثة قال: (وقفت هنا وعرفة كلها موقف ومزدلفة كلها موقف … ومنى كلها منحر).
(7) ص 356 منه أيضًا.
(8) ص 356 منه أيضًا.
(9) 357 منه.
(10) بياض بالأصل.
(11) ذكرت هذه العبارة بالمعنى وهي في ص 357.
(12) في ص 357 أيضا.
(13) المحفوظ في سائر الروايات (صلاتكم) ولم أجد أنهم كانوا يسألونه صلى الله عليه وسلم بعد موته فلفظ مسألتكم شاذ رواية ودراية ولعله غلط من بعضهم.
(28/516)