قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي في كتابه “الحسام الماحق” ردا على ما افتراه البوعصامي:
“… ثم ذكر “البوعصامى” العمى كتبا أحال القارئ لهذيانه على مراجعتها على سبيل الإجمال تمويها وتضليلا ومنها ما سماه (كتاب الرد على الوهابية) ولا يعرف كتاب بهذا الإسم يختص به وقد لفق جماعة من المشركين المبتدعين عباد الأضرحة رسائل سموها بالرد على الوهابية ولا توجد فرقة على وجه الأرض تسمى نفسها وهابية. ولكن المبتدعين والمشركين يسمون التسمية ليطلقوها على كل من يوحد الله ويتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتجنب البدع والمحدثات، كما كان المشركون يسمون رسول الله صلى الله عليه وسلم مذمماً؛ بل المشركون الأولون أعقل من هؤلاء المتأخرين فإنهم سموا النبي صلى الله عليه وسلم باسم يدل على الذم في لغتهم وهم المذمومون، والنبي صلى الله عليه وسلم طاهر مطهر لا يلحق به شيء من ذمهم، وكذلك من اتبعه إلى يوم القيامة مسلمون حنفاء، لا يضيرهم ما يقول فيهم أعداؤهم.
أما المشركون المتأخرون فهم جهال بالألفاظ والمعاني كالقارئ الذي قرأ “فخر عليهم السقف من تحتهم” فقيل له: لا عقل عندك ولا قرآن، فتسمية أهل الحق بالوهابية نسبة إلى الوهاب من أحسن الأسامي. قال تعالى حكاية عن إبراهيم أبي الحنفاء الموحدين في سورة مريم: {فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب، وكلاً جعلنا نبياً، ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق علياً}. والحنفاء في كل زمان ومكان يقتدون بأبيهم إبراهيم فيعتزلون أهل الشرك وما يعبدون من دون الله، ويدعون الله وحده راجين فضله، فيسعدون ولا يشقون، فيهب لهم وهو الوهاب، من رحمته كل ما أملوه ويجعل لهم لسان صدق علياً. وقد أنطق الله المشركين بكلمة الحق على رغم أنوفهم فسموا أهل الحق نسبة إلى الكريم الوهاب، وسيأتي إن شاء الله في القصيدة البائية..
و هذه هي القصيدة البائية:
الأبيات التسعة الأولى هي التي بقيت في حفظي من قصيدة للشيخ عمران النجى التميمي رحمة الله عليه وتكملتها من نظمي:
إن كــان تــابــع أحمـد مــتــوهبــــاً
فــأنــــــا الــمقر بــأننــــي وهابــي
أنفي الشريك عن الإله فليس لي
رب ســــوى الــمتفرد الــوهــــــاب
لا قــبـــــة ترجــــى و لا وثــــن و لا
قبــر لــه ســبــب مــن الأسبــــاب
أيضــاً و لســــت معلقــاً لــتميمــة
أو حــلــقــــة أو ودعــــــة أو نـــــاب
لــــرجــاء نــفــع أو لــــدفع مضــــرة
الله ينفعــــنــي و يـــدفــع مــا بـي
كالــــشافعي و مالك و أبـــي حنـــ
ـــيفــة ثــم أحــــآد الــتقـى الأواب
هــذا الــصحيــــح ومن يقول بمثله
صــاحــوا عليــــه مجسم وهابـــي
******************************
نسبــــــوا إلى الوهـاب خير عبــاده
يـــا حبذا نسبــــي إلى الوهــــــاب
الله أنـطــقــــــهم بــــحق واضــــــــح
و هــم أهــــالــي فريــة و كـــــــذاب
أكــرم بــهــا مــن فــرقــــة سلفـــية
سلكــــت محجــة سنــة و كتـــــابِ
و هــي التــي قــصــد الــنبي بقوله
هــي مــا علــيه أنــا و كــل صحـاب
قد غــاظ عبــاد الـقبــور و رهطـــهم
تــوحــيــــدنــــــــا لله دون تــــحــــاب
عــجــزوا عــن البرهـان أن يجدوه إذ
فــزعــوا لــسرد شتــائم و سبـــــاب
و كــذاك أســلاف لــهم مــن قبلكم
نسبــــوا لأهل الــحق من ألقــــــاب
سمــــوا رســول الله قبــل مذممــــاً
و مــن اقــتــفــاه قــيــل هــذا صــاب
الله طــهــرهــم و أعلــــــى قــدرهم
عــن نــبــز كــل مــعــطــل كـــــــذاب
الله ســمــــاهم بــــنــصِ كــتــابــــه
حــنــفــاء رغــم الــــفاجر الــمرتــاب
مــا عــابــهم إلا الــمعطل و الــكفور
و مــن غــوى بــــعــبــادة الأربــــــاب
و دعــــا لــهــم خــيــر الورى بنضارة
ضمــت لــــهم نصراً مدى الأحقـــاب
هــم حــزب رب الــعالميـــن و جنده
و الله يــرزقــــهــم بــغــيــر حســــاب
و يـنـيـلــهم نــصــراً علـــى أعدائهم
فــهو الــــمهيمن هــــازم الأحــــزاب
إن عــابــهــم نــذل لــئــيــم فـــــاجر
فــإليه يــرجــع كــل ذاك الــعــــــــاب
مــا عــابـهم عيب الــعـدو وهل يضيـ
ـــر الــبــدر في العليــاء نبح كــــلاب
يــا ســالــكــاً نهج الــــنبي و صحبه
أبــشــر بــمغفرة و حــســن مـــــآب
و هــزيــمــة لــعدوك الــــخب اللئيـــ
ـــــم و إن يـكـن فــي العد مثل تراب
يــا معشر الإســلام أوبــوا للــــهدى
و قفوا سبــــيل الــمصطفــى الأواب
أحيــوا شريعته التـي سادت بها الأ
ســـــلاف فــــهي شفــاء كل مصاب
و دعــوا الــتحزب و الـتفرق و الهوى
و عقــــائــد جــــاءت من الأذنـــــــاب
فيمـيــــنــها لا يــمــن فــيــه تـــرونه
و يــســارهــا يــأتــيــكم بـــــتــبــاب
إن الـــــهــدى في قفو شرعة أحمد
و خلافــــها رد علــــــى الأعقـــــــاب
جربــــتم طــرق الــــضلال فـــلم تروا
لــــــصــداكــم إلا بــــريــق ســـــراب
و الله لو جربــــــتم نــهــج الـــــهدى
سنــة لفقــــتم جــمـلــة الأتــــــراب
و لــها بــكــم أعــدائــكــم و تــوقـعوا
منــــكم إعــادة ســائــر الأســـــلاب
أمــا إذا دمــــتم علــى تقليـــــدهم
فــتــوقعــــــوا منــهم مــزيــد عــذاب
و تــوقعــــوا من ربـــكم خسراً على
خســر و ســــوء مــذلــة و عقـــــاب
هــذي نــصــيــحـــة مشفق متعتب
هل عنــدكم يــــا قــوم مــن إعتــاب
و مــن البليــــة عذل من لا يرعــوي
و لــدى الــــغوي يضيــع كل عتــــاب
و زعمــتم أن الــعروبــــة شـــــــرعة
و عقيــــدة تبنــى علــى الأسبـــاب
لا فــرق بيــــن مصــــدق لــمحمـــد
و مكــذب فــالــــــكل ذو أحســــــاب
فــيصيــــر عنــدكم أبو جهــــل و من
والاه مــن حــضــــر و من أعــــــــراب
مثــل الــــنبــي محمــد و صــحـــابه
بئــس الــــجــزاء لــــســادة أقطـــاب
بــل صــــار بعضـــكم يرجح جانب الـ
ـــكفــــار من سفــل و مــن أوشـاب
مــاذا بنـى لكم أبو جهل من المجد
الــــمخلد فــــي مــدى الأحــقـــــاب
إلا عبــــادتــــــــه لأصــنـــــــــام و إلا
و أدهــــم لــــــبنــاتــــــــهم بـتـــراب
و جهــــالة و ضروب خزي يستحــى
مــن ذكــر أدنــــاهــا ذوو الألبـــــــاب
أفــــتعلــون ذوي المفـــاخر و العلى
بــــحثــالــة كــــثــعــالــب و ذئــــــاب
اللــؤلــؤ الــكــنــون يــعـدل بالحصى
و الــــند و الــــهنــدي و الأخشــــاب
بدلــتــهم نهــج الــهدى بــــضلالــــة
و قصــــــور مــجــد شــــامخ بــخراب
و لــقــد أتيــــتــــكم بــنصح خالــص
يشفــــيــــــكم من جملــة الأوصـاب
و اخــالــكم لا تقبلــــون نصيحتـــي
بــل تتبعــــون وســـاوس الــــــخراب
وكان الفراغ منه بمدينة مكناس، طهرها الله من الأدناس، وصانها من كل بأس، لعشر خلون من ربيع الأول 1385هـ خمس وثمانين وثلاث مائة بعد الألف.